لظهورها في تنجيس البئر مع العلم بوصول البول إليها، حيث إن زرارة ومحمد بن مسلم وأبا بصير قالوا: " قلنا له: بئر يتوضأ منها يجري البول قريبا منها أينجسها؟
فقال (عليه السلام): إن كان البئر في أعلى الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجس شيء من ذلك، وإن كان أقل من ذلك نجسها، قال (عليه السلام): وإن كان البئر في أسفل الوادي ويمر الماء عليها وكان بينه وبين البئر تسعة أذرع لم ينجس، وما كان أقل من ذلك فلا تتوضأ منه، فقلت له (عليه السلام): فإن كان مجرى البول يلصقها وكان لا يلبث على الأرض، فقال (عليه السلام): ما لم يكن له قرار فلا بأس، وإن استقر منه قليل فإنه لا يثقب الأرض ولا قعر له حتى يبلغ البئر، وليس في البئر منه بأس، فتوضأ منه، إنما ذلك إذا استنقع كله " (1).
أقول: قد خفي علي وجه الأظهرية، لأنه بعد الإغماض عن ظاهرها الدال على التنجيس بمجرد القرب. وحمله على صورة العلم بالوصول بجعله من أسباب الوصول في العادة لا دلالة فيها على التنجيس بمجرد الملاقاة، لاحتمال أن يكون الوجه فيه الملاقاة المغيرة، أو أن ماء البئر حينئذ ليس ماء وحده، بل هو ماء وبول ممزوج معه مما ابتلعه البئر من الكنيف ونش على وجه غلب ماءها أو ساواه كما هو المحسوس المشاهد في الأراضي الرخوة، فإنها تجذب مما يقربها، كنيفا كان أو غيره.
فعليه لم يبق ماؤها بحاله مما كان ماء صافيا خالصا، بل صار ماؤها ماء الكنيف الذي هو بقربها الذي جذبته منه، وهو بول لا يجوز التوضي منه، كما يشهد عليه نفيه (عليه السلام) البأس عن مجرى البول الذي لا قرار له مع كمال قربه من البئر، حتى عبر عنه باللصوق.
ويومئ اليه أيضا التعليل للحكم بقوله (عليه السلام): " فإنه لا يثقب " حيث إنه يعطي أن مناط البأس هو ثقبه الأرض الموجب لجريانه بتمامه في البئر، كما أوضحه
পৃষ্ঠা ৪৬