واختلفوا في كيفية هلاكه ، مع اتفاقهم على أنه هلك قتلا ، فالأكثرون قالوا : إنه قتل ابنا لأهرمن يسمى خزورة ، فاستغاث أهرمن منه إلى يزدان ، فلم يجد بدا من أن يقاصه به حفظا للعهود التي بينه وبين أهرمن . فقتله بابن أهرمن . وقال قوم : بل قتله أهرمن في صراع كان بينهما ، قهره فيه أهرمن ، وعلاه وأكله . وذكروا في كيفية ذلك الصراع أن كيومرث كان هو القاهر لأهرمن في بادئ الحال ، وأنه ركبه وجعل يطوف به في العالم إلى أن سأله أهرمن : أي الأشياء أخوف له وأهولها عنده ؟ قال له : باب جهنم ، فلما بلغ به أهرمن إليها جمح به حتى سقط من فوقه ، ولم يستمسك ، فعلاه وسأله عن أي الجهات يبتدئ به في الأكل ، فقال : من جهة الرجل لأكون ناظرا إلى حسن العالم مدة ما ، فابتدأه اهرمن فأكله من عند رأسه ، فبلغ إلى موضع الخصي وأوعية المني من الصلب ، فقطر من كيومرث قطرتا نطفة على الأرض ، فنبت منهما ريباستان في جبل بإصطخر يعرف بجبل دام داذ ؛ ثم ظهرت على تينك الريباستين الأعضاء البشرية في أول الشهر التاسع ، وتمت في آخره ، فتصور منهما بشران : ذكر وأنثى ، وهما ميشى ، وميشانه ، وهما بمنزلة آدم وحواء على المليين . ويقال لهما أيضا : ملهى وملهيانه ، ويسميهما مجوس خوارزم : مرد ومردانه ، وزعموا أنهما مكثا خمسين سنة مستغنيين عن الطعام والشراب ، متنعمين غير متأذيين بشيء إلى أن ظهر لهما أهرمن في صورة شيخ كبير ، فحملهما على التناول من فواكه الأشجار وأكل منها ، وهما يبصرانه شيخا فعاد شابا ، فأكلا منها حينئذ ، فوقعا في البلايا والشرور ، وظهر فهما الحرص حتى تزاوجا ، وولد لهما ولد فأكلاه حرصا ، ثم ألقى الله تعالى في قلوبهما رأفة ، فولد لهما بعد ذلك ستة أبطن ؛ كل بطن ذكر وأنثى ، وأسماؤهم في كتاب أبستا - وهو الكتاب الذي جاء به زرادشت - معروفة ، ثم كان في البطن السابع سيامك ، وفرواك ، فتزاوجا ، فولد لهما الملك المشهورالذي لم يعرف قبله ملك وهو أوشهنج ، وهو الذي خلف جده كيومرث ، وعقد له التاج ، وجلس على السرير ، وبنى مدينتي بابل والسوس .
فهذا ما يذكره المجوس في مبدأ الخلق .
الزنادقة من عصبة إبليس
وكان من المسلمين - ممن بالزندقة - من يذهب إلى تصويب إبليس في الامتناع من السجود ، ويفضله على آدم ، وهو بشار بن برد المرعث ، ومن الشعر المنسوب إليه :
النار مشرقة والأرض مظلمة . . . والنار معبودة مذ كانت النار
وكان أبو الفتوح أحمد بن محمد الغزالي الواعظ ، أخو أبي حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي الفقيه الشافعي ، قاصا لطيفا وواعظا مفوها ، وهو من خراسان من مدينة طوس ، وقدم إلى بغداد ، ووعظ بها ، وسلك في وعظه مسلكا منكرا ، لأنه كان يتعصب لإبليس ، ويقول : إنه سيد الموحدين ، وقال يوما على المنبر : من لم يتعلم التوحيد من إبليس فهو زنديق ، أمر أن يسجد لغير سيده فأبى :
পৃষ্ঠা ৭০