132

Sharh Muqaddimat Sunan Ibn Majah

شرح مقدمة سنن ابن ماجه

প্রকাশক

دروس مفرغة من موقع الشيخ الخضير

قال: "سمعت العرباض بن سارية يقول: قام فينا رسول الله ﷺ ذات يوم، فوعظنا موعظة بليغة" وعظنا فالرسول ﵊ يصح أن يقال: واعظ، كما أنه مبشر ومنذر ومبلغ عن الله -جل وعلا-، يصح أن يقال: واعظ، ويصح أن يقال: مذكر، ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ﴾ [(٤٥) سورة ق] وبعض من ينتسب إلى طلب العلم يأنف أن يقال له: واعظ، وجاء الوعظ في القرآن في مواضع، والأنفة من هذا الوصف لأن من الوعاظ من لا ينتسب إلى العلم، بل هم إلى العامة أقرب، فيأنف، يعني لا سيما في الوضع العرفي، من الوعاظ من هو إلى العامية أقرب، فطالب العلم يأنف أن يصنف واعظ، وقد أشرنا على بعض طلاب العلم الذين لديهم خبرة وقدرة على التأثير أن يشرحوا كتب الرقاق، فقال بعضهم: أنا لا أريد أن أصنف واعظ، لا يريد أن يصنف واعظ، وفي الحديث: "وعظنا رسول الله ﷺ" فهو واعظ، وهذه الأنفة وإن كان مردها وسببها خشية التشبه بالوعاظ والقصاص الذين هم إلى العوام أقرب منهم إلى العلماء، لكن لا يضيرك أن يقال: واعظ، فتشبه بالنبي ﵊ الذي ثبت وصفه بهذا، وإن تشبث به بعض من لا ينتسب إلى العلم، فالوعظ لا سيما بالنصوص ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ﴾ [(٤٥) سورة ق] وبالنصوص النبوية من أولويات الوظائف بالنسبة للعالم وطالب العلم؛ لأنه بهذا الوعظ وبهذا التذكير وباختيار المادة الصحيحة من كتاب الله وسنة نبيه ﵊، مع اجتناب ما لم يثبت، ومع اجتناب القصص التي لا أصل لها، وبهذا يسوق الناس إلى العمل بالعلم، فالعالم وطالب العلم الذي يقتصر على متين العلم من الأحكام فقط فإنه قد يغفل عن العمل، ولا يسوقه ويقوده إلى العمل إلا هذه الأحاديث وهذه الآيات والأحاديث الصحيحة في الرقاق التي ترغب الإنسان في الأعمال الصالحة، فإذا ترك أهل العلم هذا المجال قام به من لا تبرأ الذمة بوعظه، قام به من يعظ الناس بالقصص الواهية، وبالأحاديث الضعيفة والموضوعة كما هو شأن القصاص من قديم، وما ذلكم إلا لأن أهل العلم تركوه، والنبي ﵊ وعظ أصحابه موعظة بليغة.

6 / 9