الفقر قد يدعو الإنسان إلى السرقة، قد يدعوه إلى البغي والظلم، قد يدعوه إلى أن يبيع ما لا يجوز بيعه، قد يدعوه إلى أن يتنازل عما لا يجوز التنازل عنه من عرض ونحوه، هذا الفقر، ولذا استعاذ منه النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن إن ابتلي به الإنسان فصبر واحتسب فأجره عظيم، حتى فضله جمع من أهل العلم على الغني الشاكر، الفقير الصابر مفضل عند جمع من أهل العلم على الغني الشاكر، هذا إذا صبر واحتسب، آخرون فضلوا الغني الشاكر على الفقير الصابر، وحديث: ((ذهب أهل الدثور بالأجور)) حينما قال ذلك فقراء المسلمين، وأرشدهم النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى ما يتصدقون به من غير الأموال، وأنها تقوم مقام الصدقة بالأموال بادر الأغنياء بفعل ما أرشد إليه الفقراء، فقالوا للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "إن إخواننا من الأغنياء سمعوا فعملوا" قال -عليه الصلاة والسلام-: ((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)) فدل على أن الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر، هذا ما يستدل به من يرجح الغنى مع الشكر على الفقر مع الصبر، وإن كان جاء في الفقر والفقراء نصوص تخصهم وترجحهم من كون الفقراء يدخلون قبل الأغنياء بخمسمائة أو مائة وعشرين أو بأربعين عاما كما جاء في الأحاديث يدل على أن الفقر أفضل من الغنى، يدخلون قبل الأغنياء بخمسمائة عامة أو بمائة وعشرين عام، أو بأربعين عاما، وليس في هذه الروايات اضطراب ولا اختلاف؛ لأن هذه أمور نسبية الغنى والفقر أمور نسبية، فأفقر الناس يدخل قبل أغنى الناس كم؟ بخمسمائة، ثم الذي يليه أخف منه في الفقر يدخل قبل الذي يلي الأول في الغنى بمائة وعشرين مثلا والفقير الذي يلي ذلك بالنسبة للغني الذي هو دون الاثنين يدخل قبله بأربعين عام، هذه أمور نسبية، فلا تخالف بينها.
পৃষ্ঠা ৬