((ذروني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم)) وهناك: ((ما أمرتكم به فخذوه)) وهنا مقيد بالاستطاعة، ((وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا)) الأوامر مقيدة بالاستطاعة، والنواهي مجزوم بها، وقد جاء الخبر مقلوبا: ((إذا أمرتكم بأمر فخذوه، وإذا نهيتكم عن شيء فاتركوا منه ما استطعتم)) لكن هذا قلب، والصواب أن الاستطاعة مقرونة بالأمر، أما النهي فلا يحتاج إلى استطاعة، الترك كل أحد يستطيعه، لكن الفعل ما كل أحد يستطيعه، قد يكون في الشخص ما يعوق ويحول دون فعله، ولذا قال: {فاتقوا الله ما استطعتم} [(16) سورة التغابن] وجاء في كتاب الله -جل وعلا-: {اتقوا الله حق تقاته} [(102) سورة آل عمران] وجاء أيضا مقيد بالاستطاعة، فمن أهل العلم من يقول: إن الآية المقيدة ناسخة للآية المطلقة {اتقوا الله حق تقاته} [(102) سورة آل عمران] ومنهم من يقول: إنها مبينة وليست ناسخة، فحق التقوى هو المقدور عليه فتتفق الآيتان.
((إذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا)) يعني تعليق الأمر بالاستطاعة، وإطلاق النهي وعدم تقييده بها يدل على أن المحظور لا ثنيا فيه، بل لا بد من تركه جزما، والمأمور فيه التقييد بالاستطاعة، فأخذ من هذا جمهور العلماء على أن ارتكاب المحظور أعظم من ترك المأمور؛ لأن الشيء الذي فيه ثنيا، وفيه مرد إلى استطاعة الإنسان أمره أسهل مما جزم به من غير تقييد بالاستطاعة، فالنهي مجزوم به من غير ثنيا، والأمر مقرون بالاستطاعة، فملاحظ فيه التخفيف، ملاحظ فيه التيسير بخلاف النواهي فإنها مجزوم بها، هذا ما يراه الأكثر أخذا من هذا الحديث، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- يرى العكس، يقول: ترك المأمور أعظم من فعل المحظور، ويستند في ذلك إلى أن معصية آدم بفعل محظور، ومعصية إبليس ترك مأمور، ولا شك أن معصية إبليس أعظم من معصية آدم، المأخذ معروف وإلا غير معروف، واضح وإلا ما هو بواضح؟
طالب:. . . . . . . . .
والأول؟
طالب:. . . . . . . . .
পৃষ্ঠা ১৯