زيدًا" مُضْمَر دلّ عليه مفعول "ضربت"، وليس كما قال الكسائي إنه لا فاعل له (١)؛ وفي أنّ عامل الرفع في المبتدأ هو الابتداء لا الخبر كما ذهب إليه الكوفيون (٢)، كذلك ضعَّف رأي هؤلاء في أن الاسم الواقع بعد "لولا" يرتفع بها لنيابتها عن الفعل (٣)، كما ضعَّف رأيهم في أنّ "إنّ" وأخواتها لا تعمل الرفع في الخبر، وإنما هو مرفوع على حاله قبل دخول"إنّ" وصواحبها (٤).
ولكن تعصّبه للبصريين لم يمنعه من استحسان بعض آراء الكوفيّين، وذلك في أحيانٍ قليلة، كاستحسانه تخريجهم لقراءة: ﴿إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ (٥) على أنّ "إنْ" نافية، واللام بمعنى "إلَّا"، والتقدير: ما هذان إلَّا ساحران (٦)، وجوَّز رأي الكوفيّين في صرف ما لا ينصرف في الضرورة الشعريَّة (٧)، واستحسن رأي أبي علي الفارسيّ في أنّ المعطوف في مثل "قام محمَّد وعُمَر" معمول لفعل محذوف من جنس الفعل الأول (٨)، وفي أنّ اللام الداخلة أو اللازمة مع "إن" الملغاة فارقة بينها وبين "إن" النافية (٩).
وهو في شرحه يستشهد بالكثير من الآيات القرآنية (١٠)، والقراءات، والشواهد الشعرية (١١)، كما استشهد بالأحاديث النبويّة (١٢)، والأمثال (١٣)، والأقوال (١٤).
وكان يشرح ما يجده صعبًا من الألفاظ، وينسب الأبيات الشعرية التي لم ينسبها الزمخشريّ، ويُبَيِّن مواضع الاستشهاد فيها، إلى عرض آراء مختلفة في المسألة الواحدة، ثمّ مناقشتها.
وفي الجملة، جاء الشرح محقّقًا غايته، مستوفيًا شروطه، حتى قال ابن خلّكان: "ليس في جملة الشروح مثله" (١٥)، وقال القفطيّ: "وصل به ما فَصَّله، وفرَّق على المستفيدين ما أجمله، واستقى له من ركيّة القوم ما جُمَّ له، وشرَّفه بعنايته وإعانته، فنوَّه
_________
(١) شرح المفصّل ١/ ٢٠٦.
(٢) شرح المفصّل ١/ ٢٢٢ - ٢٢٣.
(٣) شرح المفصّل ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣.
(٤) شرح المفصّل ١/ ٢٥٥.
(٥) طه: ٦٣.
(٦) شرح المفصّل ٢/ ٣٥٧.
(٧) شرح المفصّل ١/ ١٨٧.
(٨) شرح المفصّل ٥/ ٤.
(٩) شرح المفصّل ٤/ ٥٤٨.
(١٠) انظر فهرس الآيات القرآنية في المجلد الأخير من كتابنا هذا.
(١١) انظر فهرس الشواهد وفهرس القوافي في المجلد الأخير من كتابنا هذا.
(١٢) انظر فهرس الأحاديث النبوية في المجلد الأخير من كتابنا هذا.
(١٣) انظر فهرس الأمثال في المجلد الأخير من كتابنا هذا.
(١٤) انظر فهرس الأقوال في المجلد الأخير من كتابنا هذا.
(١٥) وفيات الأعيان ٧/ ٥٢.
1 / 27