ــ
وتلخيص كلمه أن الإسلام في عرف الشرع يطلق تارة مجرد الانقياد وظاهر الأعمال، كما في قوله تعالى: (وقالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) وأخرى على الانقياد مع التصديق والقول المذكور في الحديث هو الأول، ليطابق المجمل والمفصل، لا الثاني، فلا يكون هذا دليل على نفي الثاني، وإنما اقتضى الحديث التفصيل في الإجمال؛ لأن المقام مقام تعليم للأمة وتفهيم لهم، فيجب حمل الإيمان والإسلام على ما يتعارفون بينهم، والقوم لما تواردت النصوص مثل قوله تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام) وقوله تعالى: (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) وقوله ﷺ: (الإيمان بضع وسبعون شعبة) إلى غير ذلك من النصوص الدالة على الزيادة في الإيمان- اصطلحوا على ترادف الإيمان والإسلام والدين، وأن الإعمال داخلة فيها، ولا مشاحة في الصطلاح.
(قال) الراغب: اختلفوا في الايمان أهو الاعتقاد المجرد أم الاعتقاد والعمل معًا؟ واختلافهم بسبب اختلاف نظرهم، فمن قال: هو الاعتقاد المجرد فنظره إلى اشتقاق اللفظ. وإلى أنه تعالى فصل بينهما في عامة التنزيل بالعطف، ولأن النبي ﷺ فرق بينهما في خبر جبريل ﵇ حين سأله عن الإسلام والإيمان، وفسر الأوال بالأعمال والثاني بالاعتقاد، ومن قال: هو الاعتقاد والعمال فلما ورد من قوله: (الإيمان معرفة في القلب، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان) ولأن الإيمان ليس بذي منزلة واحدة، قال النبي ﷺ (الإيمان بضع وسبعون شعبة) الحديث، ومن تأمله وعرف حقيقته على أن الإيمان الواجب هو اثنتان وسبعون درجة لا أقل ولا أكثر؛ لأنه ﷺ (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى).
وأقول: أما تأويل الحديث فقد كفى محيي السنة أهل السنة القتال، وأما تأويل العطف فبيانه من وجهين: أحدهما: أن العطف من باب قوله تعالى: (وملائكته ورسله وجبريل وميكال) وذلك لأن الأعمال لما كانت مقررة مثبتة للإ] مان، وبها يستقيم ويتقوى، كقوله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) أو رفعا له وتشييدا لبنيانه، كقوله: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمال الصالح يرفعه) جعل شيئا آخر، وعطف عليه ولهذا السر جعل الله تعالى في قوله: (يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم) وقوله تعالى: (وما
ــ
2 / 428