ــ
ــ
واعلم أن السؤال عن الإيمان وجوابه مقدم على السؤال عن الإسلام وجوابه في المصابيح،
وتكلم عليه الشيخ التوربشتى، وهو حق؛ لأنه مؤخر في صحيح مسلم، وفي كتاب الحميدي.
وجامع الأصول، ورياض الصالحين، وشرح السنة برواية عمر ﵁. ثم إن
التصديق وأن كان مقدمًا في الاعتبار لقوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات) وعليه
سؤسس قاعدة الإسلام، لكن المقام يقتضي تقديم الإسلام؛ لأنه رأس الأمر وعموده، وشعائر
الدين به تظهر، وهو دليل على التصديق وأمارة عليه، وما جاء جبريل ﵇ إلا ليعلم
الشريعة؛ فينبغى أن يبدأ بما هو الأهم فالأهم، ويترقى من الأدنى إلى الأعلى، فإن الإسلام
مقدم على الإيمان، وهو على الإخلاص، وفي هذا الكتاب مسطور بعد قوله: (إن استطعت إليه
سبيلا، قال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه).
قوله: (بالله) الله أصله إله، فحذف همزته معوضًا عنها حرف التعريف، ولذلك قطع الألف،
وأدخل عليه حرف النداء، والإله فعال بمعنى مفعول، كالكتاب بمعنى المكتوب، من: أله إلهة
أي عبد عبادة، أو أله ألها إذا تحير؛ لأن الفطن يدهش في معرفة المعبود، والعقول متحيرة
في كبريائه. والملائكة جمع ملاك على الأصل، كالشمائل جمع شمال، والتاء لتأنيث الجمع،
مشتق من الألوكة بمعنى الرسالة. والكتب ما أنزلت على أنبيائه (صلوات الله وسلامه عليهم) إما
مكتوبًا على نحو ألواح، أو مسموعا من الله تعالى من وراء حجاب، أو من ملك مشاهد
مشافهة، أو مصوت هاتف. وإنما قدم ذكر الملك على الكتاب والرسل اتباعا للترتيب الواقع،
فإنه ﷾ أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول لا تفضيلا للملائكة على الرسل، فإن
فيه خلافا، ولا على الكتب، فإنه لم يقل به أحد.
قوله: (رسله) يقال: أرسلت فلانا في رسالة، فهو مرسل ورسول، والجمع رُسُل ورُسل،
(قال) الكشاف: الفرق بين النبي والرسول أن الرسول من الأنبياء من جمع إلى المعجزة الكتاب
المنزل عليه، والنبي غير الرسول من لم ينزل عليه، وإنما أمر أن يدعو إلى شريعة من قبله.
وعن الإمام أحمد بن حنبل عن أبى أمامة، قال أبو ذر: يارسول الله، كم وفاء عدة
الأنبياء؟ قال: (مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلاث مائة وخمسة عشر جما
غفيرًا).
[قلت: قيل المنزَّلة مائة وأربعة كتب: على آدم عشر صحائف، وعلى شيث ﵇
خمسون صحيفة، وعلى أخنوخ وهو إدريس ﵇ ثلاثون صحيفة، وعلى إبراهيم عليه
السلام عشر صحائف. والتوارة، والإنجيل، والفرقان، والزبور. فعلى هذا القول الذى ذكره جار
ــ
2 / 425