শারহ মাকাসিদ
شرح المقاصد في علم الكلام
প্রকাশক
دار المعارف النعمانية
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
1401هـ - 1981م
প্রকাশনার স্থান
باكستان
জনগুলি
الرابع أن الوعيد بالعقاب الدائم لطف بالعباد لكونه أزجر عن المعاصي فإن منهم من لا يكترث بالعذاب المنقطع عند الميل إلى المستلذات ثم لا بد من تحقيق الوعيد تصديقا للخبر وصونا للقول عن التبديل ورد بمنع وجوب اللطف ومنع انحصاره في الدوام فإن من لا يكترث باللبث في الجحيم أحقابا قلما يستكثر الخلود فيها عقابا وإذ قد كان كل وعيد لطفا ولا شيء من الوعيد يطلق للكل فليكن لطف الخلود في النار مختصا بالكفار وكفى بوعيد النيران بل وعد الجنان لطفا ومزجرة لأهل الإيمان ولو وجب ما هو الغاية في اللطف والزجر لما صح الاكتفاء بوعيد الخلود في النار لإمكان المزيد قال المبحث الحادي عشر لا خلاف في أن من آمن بعد الكفر والمعاصي فهو من أهل الجنة بمنزلة من لا معصية له ومن كفر نعوذ بالله بعد الإيمان والعمل الصالح فهو من أهل النار بمنزلة من لا حسنة له وإنما الكلام فيمن آمن وعمل صالحا وآخر سيئا واستمر على الطاعات والكباير كما يشاهد من الناس فعندنا مآله إلى الجنة ولو بعد النار واستحقاقه للثواب والعقاب بمقتضى الوعد والوعيد ثابت من غير حبوط والمشهور من مذهب المعتزلة أنه من أهل الخلود في النار إذا مات قبل التوبة فأشكل عليهم الأمر في إيمانه وطاعته وما ثبت من استحقاقاته أين طارت وكيف زالت فقالوا بحبوط الطاعات ومالوا إلى أن السيئات يذهبن الحسنات حتى ذهب الجمهور منهم إلى أن الكبيرة الواحدة تحبط ثواب جميع العبادات وفساده ظاهر أما سمعا فللنصوص الدالة على أن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا وأما عقلا فللقطع بأنه لا يحسن من الحكيم الكريم إبطال ثواب إيمان العبد ومواظبته على الطاعات طول العمر يتناول لقمة من الربا وجرعة من الخمر بمنزلة من خدم كريما مائة سنة حق الخدمة ثم بدت منه مخالفة أمر من أوامره فهل يحسن رفض حقوق تلك الخدمات ونقض ما عهد ووعد من الحسنات وتعذيبه عذاب من واظب مدة الحياة على المخالفة والمعاداة وأيضا استحقاق الثواب على الطاعة عندهم إنما هو لكونها حسنة وامتثالا لأمر الباري وهذا متحقق مع الكبيرة فيتحقق أثره وأيضا لو كانت الكبيرة محبطة لثواب الطاعة لكانت منافية لصحتها بمنزلة الردة قالوا استحقاق الثواب والعقاب متنافيان لا يجتمعان لأن الثواب منفعة خالصة دائمة مع التعظيم والعقاب مضرة خالصة دائمة مع الإهانة قلنا لا نسلم لزوم قيد الخلوص والدوام سيما في جانب العقاب وح لا يتنافي الثواب والعقاب بأن يعاقب حينا ثم يثاب ولو سلم فلا يلزم تنافي الاستحقاقين بأن يستحق المنفعة الدائمة من جهة الطاعة والمضرة الدائمة من جهة المعصية ولو سلم فليس إبطال الحسنة بالسيئة أولى من العكس كيف وقد قال الله أن الحسنات يذهبن السيئات وحكم بأن السيئة لا تجزى إلا بمثلها والحسنة تجزى بعشر أمثالها إلى سبعمائة وأكثر قالوا الإحباط مصرح في التنزيل كقوله تعالى
﴿ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم﴾
﴿أولئك حبطت أعمالهم﴾
و
﴿لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾
قلنا لا بالمعنى الذي قصدتم بل بمعنى أن من عمل عملا صالحا استحق به الذم وكان يمكنه أن يعمله على وجه يستحق به المدح والثواب يقال أنه أحبط عمله كالصدقة مع المن والأذى وبدونهما وأما إحباط الطاعات بالكفر بمعنى أنه لا يثاب عليها البتة فليس من المتنازع في شيء وحين تنبه أبو علي وأبو هاشم لفساد هذا الرأي رجعا عن التمادي بعض الرجوع فقالا إن المعاصي إنما تحبط بالطاعات إذا أذنب عليها وإن إذنب الطاعات أحبطت المعاصي ثم ليس النظر إلى أعداد الطاعات والمعاصي بل إلى مقادير الأوزار والأجور فرب كبيرة يغلب وزرها أجور طاعات كثيرة ولا سبيل إلى ضبط ذلك بل هو مفوض إلى علم الله ثم افترقا فزعم أبو علي أن الأقل يسقط ولا يسقط من الأكثر شيئا وسقوط الأقل يكون عقابا إذا كان الساقط ثوابا وثوابا إذا كان الساقط عقابا وهذا هو الإحباط المحض وقال أبو هاشم الأقل يسقط ويسقط من الأكثر ما يقابله مثلا من له مائة جزء من العقاب واكتسب ألف جزء من الثواب فإنه يسقط عنه العقاب ومائة جزء من الثواب بمقابلته ويبقى له تسعمائة جزء من الثواب ومن له مائة جزء من الثواب واكتسب ألفا من العقاب سقط ثوابه ومائة جزء من عقابه وهذا هو القول بالموازنة لا ما قال في المواقف أنه يوازن بين الطاعات والمعاصي فأيهما رجح أحبط الآخر واختلفت كلمتهم في أن الإحباط والموازنة بين الفعلين أعني الطاعة والمعصية أو المستحقين أعني الثواب والعقاب أو الاستحقاقين مال الجبائي إلى الأول وأبو هاشم إلى الثاني وهو المختار عند الأكثرين وبالجملة لا يخفى على أحد أن القول بما ذهبا إليه من الإحباط والموازنة لا يصح إلا بنص من الشارع صريح ونقل صحيح واستدل الإمام الرازي على بطلانه بأن الأكثر إذا أحبط الأقل فإن لم يحبط منه شيء كما هو رأي أبي علي صارت الطاعة السابقة لغوا محضا لا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا وهو باطل إما عقلا فلكونه ظلما ولأنه ليس انتفاء الباقي بطريان الحادث أولى من اندفاع الحادث بوجوه الباقي وأما سمعا فكقوله تعالى
﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره﴾
وغير ذلك وإن حبط من الأكثر ما يوازن الأقل كما هو رأي أبي هاشم فباطل أيضا أما أولا فلأنهما لما كانا متنافيين كان طريان الحادث مشروطا بزوال السابق فلو كان زواله لأجل طريان الحادث لزم الدور وأما ثانيا فلأن تأثير ذلك الاستحقاق القليل في بعض أجزاء الكثير ليس أولى من تأثيره في الباقي لكون الأجزاء متساوية وحينئذ يلزم أن يفنى بذلك القليل كل ذلك الكثير وهو باطل وفاقا وهذا ما قال في المحصل أنه إذا استحق بالطاعة عشرة أجزاء من الثواب وبالمعصية خمسة أجزاء من العقاب فليس انتفاء استحقاق إحدى الخمستين أولى من انتفاء استحقاق الخمسة الأخرى ليتساوى أجزاء الثواب واستحقاقاتها وأما ثالثا فلأن زوال كل من الاستحقاقين بالآخر إما أن يكون دفعة وهو محال لأنه إذا كان عدم كل منهما لوجود الآخر فلو عدما دفعة لوجدا دفعة لكن العلة موجودة حال حدوث المعلول فيلزم كونهما موجودين حال كونهما معدومين هف وأما أن لا يكون دفعة وهو أيضا باطل لأنه إذا كان سبب زوال الأول حدوث الثاني فما لم يوجد الثاني لا يزول الأول وإذا وجد الثاني وزال الأول استحاله زوال الثاني لأنه لا مزيل له لأن التقدير أن كلا منهما إنما يزول بالآخر وهذا ما يقال أن الثاني كان قاصرا عن الغلبة حين مالم يكن مغلوبا فكيف إذا صار مغلوبا واعترض بوجوه
পৃষ্ঠা ২৩৩