177

শারহ মাকাসিদ

شرح المقاصد في علم الكلام

প্রকাশক

دار المعارف النعمانية

সংস্করণের সংখ্যা

الأولى

প্রকাশনার বছর

1401هـ - 1981م

প্রকাশনার স্থান

باكستان

وثانيهما أن المراد بالمشاكلة في قولهم حفظ الصحة تكون بالمشاكل كما أن علاج المريض يكون بالمضاد موافقة مزاج الغذاء حين ما هو غذاء بالفعل لمزاج المغتذي حتى أن غذاء صاحب المزاج الحار ينبغي أن يكون باردا بحيث إذا تصرف فيه طبيعته فصار غذاء بالفعل استحال عن البرد وصار حارا مشاكلا لجوهر بدنه إلا أن يكون حارا مثل مزاجه وإلا لصار عند الهضم أحر مما ينبغي وأسقمه وربما صار من قبيل الأدوية بل السموم وكذا غذاء بارد المزاج ينبغي أن يكون حارا ليصير عند الهضم في بدنه البارد باردا مثله وبهذا يندفع الاعتراض بأنه لو كان حفظ الصحة بالمشاكل لزم أن يكون غذاء من هو حار المزاج جدا بالمسخنات مثل العسل والفلفل وبارد المزاج بالمبردات وبطلانه ظاهر قال ومنها أي ومن القوى الطبيعية النامية وهي القوة التي تزيد في أقطار الجسم أعني الطول والعرض والعمق على التناسب الطبيعي بما تدخل في أجزائه من الغذاء فخرج ما يفيد السمن لأنه لا يكون زيادة في الطول وفيه نظر والورم لأنه لا يكون على التناسب الطبيعي أي النسبة التي تقتضيها طبيعة ذلك الشخص والتخلخل لأنه لا يكون بما يدخل في الجسم بل بانبساط جرمه وأما التخلخل بمعنى الانتفاش أعني مداخلة الأجزاء الهوائية فلو سلم تناول الجنس أعني القوة الطبيعية لما يفيده لخرج بقيد الغذاء لظهور أن الأجزاء الهوائية ليست غذاء للمتنفس والأكثرون على أن قيد مداخلة الغذاء في أجزاء الجسم يخرج السمن أيضا لأنه لا يدخل في جوهر الأعضاء الأصلية المتولدة عن المني بل في الأعضاء المتولدة عن الدم ومائيته كاللحم والشحم والسمن وما ذكره الإمام من أن قيد الأقطار يخرج الزيادات الصناعية كما إذا أخذت شمعة وشكلتها بشكل فإنك متى نقصت من طولها زدت في عرضها كلام قليل الجدوى لأن الكلام في القوى الطبيعية وفي أن تكون الزيادة بمداخلة الغذاء وإلا فلا خفاء في أنك إذا ضممت ومزجت بالشمعة قدرا آخر من الشمع حصلت الزيادة في الأقطار وإنما قدمنا في المتن قيد المداخلة نظرا إلى الوجود وفي الشرح قيد الزيادة نظرا إلى الظهور ولا يخفى أن إطلاق النامية على القوة بالنظر إلى الوضع اللغوي من قبيل سيل مفعم على لفظ اسم المفعول وذلك لأن فعلها إنما هو الإنماء والنامي إنما هو الجسم قبل الزيادة التي بها يحصل النمو ليست في الجسم الأصلي ولا الوارد لأن كلا منهما على حاله فإذن كل منهما كما كان وإنما انضاف جسم إلى جسم فصار المجموع أعظم من كل منهما وهذا المجموع لم يكن قبل ذلك صغيرا ثم عظم فإذن ليس ههنا جسم نام وأجيب بمنع المقدمة الأولى على ما قال ابن سينا أن القوة النامية تفرق أجزاء الجسم بل اتصال العضو وتدخل في تلك المسام الأجزاء الغذائية ولا يلزمه الإيلام لأن ذلك إنما هو في التفريق الغير الطبيعي وبالجملة لما كان معنى النمو صيرورة الجسم أعظم مما كان بالطريق المخصوص كان النامي هو ذلك الجسم الذي ورد عليه الغذاء وهو في أول الأمر الجسم الأصلي ثم الحاصل بالتغذية والتنمية وهكذا إلى أن يبلغ كمال النشو قوله وقد يقال إشارة إلى ما ذكره الإمام من أن فعل النامية إيراد الغذاء إلى العضو وتشبيهه به وإلصاقه كالغاذية إلا أن الغاذية تفعل هذه الأفعال بحيث يكون الوارد مساويا للمتحلل والنامية تفعل أزيد من المتحلل ولا شك أن القادر على الشيء قادر على مثله والجزء الزائد مشابه للأصل فإذا قويت الغاذية على تحصيل الأصل قويت على تحصيل الزايد وتكون هي النامية إلا أنها في الابتداء تكون قوية على إيراد بدل الأصل والزايد معا لشدة القوة على الفعل وكثرة المادة أعني الرطوبة وقلة الحاجة بواسطة صغر العضو وبعد ذلك يعود الأمر إلى النقصان لضعف في القوة وقلة في المادة وعظم في العضو واعترض بأن التغذية والتنمية فعلان مختلفان فلا يستندان إلى مبدأ واحد حتى أن أمر التغذية والتنمية لما كان بإيراد البدل والتشبيه والإلصاق أسندوه إلى قوي ثلاث وهذا ما قال في الشفاء إن شأن الغاذية أن تؤتى كل عضو من الغذاء بقدر عظمه وصغره وتلصق به من الغذاء بمقداره الذي له على السواء وأما النامية فتسلب جانبا من البدن من الغذاء ما يحتاج إليه الزيادة في جهة أخرى فتلصقه بتلك الجهة لتزيد تلك الجهة فوق زيادة جهة أخرى بيان ذلك ان الغاذية إذا انفردت وقوي فعلها وكان ما تورده أكثر مما يتحلل فإنها تزيد في عرض الأعضاء وعمقها زيادة ظاهرة بالتسمين ولا تزيد في الطول زيادة يعتد بها والنامية تزيد في الطول أكثر كثيرا مما تزيد في العرض ( قال ولهذا لما أدى الضعف ) إشارة إلى ما ذكروا في ضرورة الموت من جهة القوى الفاعلية وفسروا الموت بتعطيل القوى عن الأفعال لانطفاء الحرارة الغريزية التي هي آلتها فإن كان ذلك لانتهاء الرطوبة الغريزية إلى حد لا يفي ما يقوم بها من الحرارة الغريزية بأمر القوى وأفعالها فموت طبيعي وإلا فغير طبيعي وحاصل الكلام أن لبطلان الرطوبة الغريزية أسبابا ضرورية فيكون ضروريا فيكون انطفاء الحرارة ضروريا لبطلان مادته فيكون تعطل القوى ضروريا لبطلان آلتها وتلك الأسباب مثل انتشاق الهواء المحيط للرطوبة من الخارج ومعاونة الحرارة الغريزية من الداخل ومعاضدة الحركات البدنية والنفسانية الضرورية في ذلك مع عجز الطبيعة عن مقاومة تلك المخللات بإيراد البدل دائما لما سبق من تناهي القوى الجسمانية على أن هناك أمرا آخر يعين على إطفاء الحرارة الغريزية بطريق الغمر لغلبته في الكم وبطريق القمر لمضادته في الكيف وهو ما يستولي من الرطوبة الغريبة الباردة البلغمية بواسطة قصور الهضم هذا ولو فرضنا فعل الغاذية أعني إيراد البدل دائما غير متناه فليس التحلل دائما على حد واحد بل يزداد يوما فيوما لدوام المؤثر أعني المحللات المذكورة في متأثر واحد هو الرطوبة الغريزية فالبدل لا يقاومه فبالضرورة يتأدى الأمر إلى إفناء التحلل للرطوبة بل لو فرضنا البدل دائما على مقدار المتحلل فلا خفاء في أنه لا يقاومه لقصوره بحسب الكيفية لأن الرطوبة الغريزية تخمرت ونضجت في أوعية الغذاء ثم في أوعية المني ثم في الرحم والبدل لم يتخمر إلا في الأولى فيكون إبراده بدلا منها كإبراد الماء بدلا من الدهن في السراج قال ومنها المولدة وهي قوة شأنها تحصيل البذر وتفصيله إلى أجزاء مختلفة وهيئات مناسبة وذلك بأن تفرز جزأ من الغذاء بعد الهضم التام ليصير مبدأ لشخص آخر من نوع المغتذي أو جنسه ثم تفصل ما فيه من الكيفيات المزاجية فتمزجها تمزيجات بحسب عضو عضو ثم تفيده بعد الاستحالات الصور والقوى والأعراض الحاصلة للنوع الذي انفصل عنه البذر أو لجنسه كما في البقل والمحققون على أن هذه الأفعال مستندة إلى قوى ثلاث بينوا حالها على ما عرف في الإنسان وكثير من الحيوانات الأولى التي تجذب الدم إلى الأنثيين وتتصرف فيه إلى أن يصير منيا وهي لا تفارق الأنثيين وتخص باسم المحصلة والثانية التي تتصرف في المني فتفصل كيفياتها المزاجية وتمزجها تمزيجات بحسب عضو عضو فتعين مثلا للعصب مزاجا خاصا وللشريان مزاجا خاصا وللعظم مزاجا خاصا وبالجملة تعد مواد الأعضاء وتخص هذه باسم المفصلة والمغيرة الأولى تمييزا عن المغيرة التي هي من جملة الغاذية أعني التي تغير الغذاء الوارد على البدن إلى مشاكلة أعضائه فإنها إنما تكون بعد تصرف المغيرة الأولى وحصول البدن بأعضائه والثالثة التي تفيد تمييز الأجزاء وتشكيلها على مقاديرها وأوضاع بعضها عند بعض وكيفياتها وسائر ما يتعلق بنهايات مقاديرها وبالجملة تلبس كل عضو صورته الخاصة به فيكمل وجود الأعضاء وهذه تخص باسم المصورة ومحلها المني كالمفصلة وفعلهما إنما يكون في الرحم وكلام القوم متردد في أن المولدة اسم للقوى الثلاث جميعا أو للمحصلة وحدها أولها وللمفصلة معا والأول هو المفهوم من الشفاء والإشارات حيث حصر القوى الطبيعية في الغاذية والنامية والمولدة من غير تعرض للمصورة ولذا قال الشارح الإشارات أن المولدة للمثل تنقسم إلى نوعين مولدة ومصورة والمولدة إلى نوعين محصلة ومفصلة فأراد بالمولدة أو لا المتصرفة لحفظ النوع ليعم الأقسام وثانيا المتصرف لا على وجه التصوير ليكون أخص بل كلام الشفاء صريح فيما ذكرنا لأنه قال المولدة قوة تأخذ من الجسم الذي هي فيه جزأ هو شبيه بالقوة فتفعل فيه باستمداد أجسام أخرى تشبه به من التحليق والتمزيج ما يصيره شبيها به بالفعل وقال للمولدة فعلان أحدهما تخليق البذر وتشكيله وتطبيعه والثاني إفادة أجزائه في الاستحالة الثانية صورها من القوى والمقادير والأعداد والأشكال والخشونة والملاسة وما يتصل بذلك متسخرة تحت قدرة المنفرد بالجبروت عز شأنه والثاني أعني كون المولدة اسما للمحصلة مذهب بعض الأقدمين وبه يشعر ما نقل عن ابن سينا أن القوة المولدة تخدمها القوتان اللتان إحداهما المفصلة والأخرى المصورة والثالث أعني كونها اسما لما يعم المحصلة والمفصلة مذهب الجمهور والمصرح به في القانون حيث قال أن القوة المتصرفة لبقاء النوع تنقسم إلى نوعين إلى المولدة والمصورة والمولدة نوعان نوع يولد المني في الذكر والأنثى ونوع يفصل القوى التي في المني فيمزجها تمزيجات بحسب عضو عضو قال ونفاها بعضهم إشارة إلى ما ذكره الإمام واختاره بعض الحكماء المتأخرين وهو أن العقل قاطع بامتناع صدور هذه الأفعال المختلفة والتركيبات العجيبة الدالة على غاية القدرة والحكمة على قوة بسيطة ليس لها شعور أصلا مع أنها حالة في جسم متشابه الأجزاء أو متشابه الامتزاج على اختلاف الرأيين إذ عند أرسطو جزء المني كالكل في الاسم والحد من غير اختلاف في الحقيقة لكونه منفصلا عن الأنثيين فقط وعند بقراط أجزاء المني مختلفة بالحقائق متمايزة في نفس الأمر إذ يخرج من اللحم جزء شبيه به ومن العظم جزء شبيه به وكذا سائر الأعضاء غاية الأمر أنها غير متمايزة في الحس وهذا معنى تشابه الامتزاج ولكل من الفريقين احتجاجات مذكورة في موضعها فعلى الأول يلزم أن يكون الشكل الحادث من فعل المصورة في المني هو الكرة على ما هو شأن فعل القوة الغير الشاعرة في المادة المتشابهة وعلى الثاني يلزم أن يكون الحاصل كرات مصمونة بعضها إلى بعض وأن لا يبقى وضع الأعضاء وترتيبها على نسبة واحدة لكون المني رطوبة سيالة لا يحفظ الوضع والترتيب فإن قيل إنما يمتنع اختلاف آثار القوة العديمة الشعور في المادة الواحدة لو لم تفد القوة المفصلة فيها تمييزا أجزاء واختلاف مواد للأعضاء قلنا فيعود الكلام إلى القوة المفصلة فإن اعترفوا بأن القوى في مرتبة الوسائط والآلات لا الفواعل والمؤثرات والمؤثر إنما هو خالقها القادر المختار الفعال لما يشاء فقد اهتدوا ولم يبق سبيل إلى إثبات القوى والحاصل أن ما يدرك بعلم التشريح من الصور والكيفيات والأوضاع في بدن الإنسان يمتنع أن يجعل فعل القوة المصورة في مادة المني إما من جهة الفاعل فلكونه عديم الشعور وإما من جهة القابل فلكونه متشابها وقد يجاب عن الأول بأنه استبعاد وإنما يمتنع لو لم يكن ذلك بإذن خالقها بمعنى أنه خلقها لذلك وأوجدها كذلك وعن الثاني بأنه لو سلم بساطة القوة المصورة وتشابه أجزاء المني فلا خفاء في أنه من أجسام مختلفة الطبائع وحينئذ لا يلزم أن يكون الحيوان كرة أو كرات إذ لا يلزم أن يكون فعل القوة في المركب فعلها في واحد واحد من الأجزاء قال وأما الاعتراض قد يورد ههنا سؤال وهو أن الفلاسفة يجعلون المولدة والمصورة وغيرهما قوى للنفس وآلات لها والنفس حادثة بعد حدوث المزاج وتمام صور الأعضاء فالقول باستناد صور الأعضاء إلى المصورة قول بحدوث الآلة قبل ذي الآلة وفعلها بنفسها من غير مستعمل إياها وهو باطل وجوابه بعد تسليم أن النفس ليست بقديمة كما هو رأي بعض الفلاسفة ولا حادثة قبل حدوث البدن كما هو رأي بعض المليين أن ذلك إنما يرد لو جعلت المصورة من قوى النفس الناطقة للمولود وأما لو جعلت من قوى نفسه النباتية المغايرة بالذات لنفسه الناطقة كما هو رأي البعض أو من قوى النفس الناطقة للأم فلا إشكال إلا أن كلامهم مضطرب في ذلك على يشعر به اضطرابهم في أن الجامع لأجزاء البدن هل هو الحافظ لها أم لا وفي أنه نفس المولود أم غيرها فذكر الإمام أن الجامع لأجزاء النطفة نفس الوالدين ثم أنه يبقى ذلك المزاج في تدبير نفس الأم إلى أن يستعد لقبول نفس ثم أنها تصير بعد حدوثها حافظة له وجامعة لسائر الأجزاء بطريق إيراد الغذاء ونقل عن ابن سينا أن الجامع لأجزاء بدن الجنين نفس الوالدين والحافظة لذلك الاجتماع أو لا القوة المصورة لذلك البدن ثم نفسه الناطقة وتلك القوة ليست واحدة في جميع الأحوال بل هي قوى متعاقبة بحسب الاستعدادات المختلفة لمادة الجنين وذكر في الشفاء أن النفس التي لكل حيوان هي جامعة اسطقسات بدنه ومؤلفتها ومركبتها على نحو يصلح معه أن يكون بدنا لها وهي حافظة لهذا البدن على النظام الذي ينبغي والأشبه بمقتضى قواعدهم ما ذكر في شرح الإشارات وهو أن نفس الأبوين تجمع بالقوة الجاذبة أجزاء غذائية ثم تجعلها أخلاطا وتفرد منها بالقوة المولدة مادة المني وتجعلها مستعدة لقبول قوة من شأنها إعداد المادة لصيرورتها إنسانا فتصير بتلك القوة منيا وتلك القوة تكون صورة حافظة لمزاج المني كالصورة المعدنية ثم إن المني يتزايد كما لاقى الرحم بحسب استعدادات يكتسبها هناك إلى أن يصير مستعد القبول نفس اكمل يصدر عنها مع حفظ المادة الأفعال النباتية فيحدث الغذاء ويضيفها إلى تلك المادة فيتمها وتتكامل المادة بتربيتها إياها فتصير تلك الصورة مصدرا مع ما كان يصدر عنها بهذه الأفاعيل وهكذا إلى أن تصير مستعدة لقبول نفس اكمل يصدر عنها مع جميع ما تقدم الأفعال الحيوانية أيضا فيصدر عنها تلك الأفعال أيضا فيتم البدن ويتكامل إلى أن يصير مستعد القبول نفس ناطقة يصدر عنها مع جميع ما تقدم النطق وتبقى مدبرة في البدن إلى أن يحل الأجل وقد شبهوا تلك القوى في أحوالها من مبدأ حدوثها إلى استكمالها نفسا مجردة بحرارة تحدث في فحم من نار مشتعلة مجاورة ثم تشتد فإن الفحم بتلك الحرارة يستعد لأن يتجمر وبالتجمر يستعد لأن يشتعل نارا شبيهة بالنار المجاورة فمبدأ الحرارة الحادثة في الفحم كتلك الصورة الحافظة واشتدادها كمبدأ الأفعال النباتية وتجمرها كمبدأ الأفعال الحيوانية واشتعالها نارا كالناطقة وظاهر أن كل ما يتأخر يصدر عنه مثل ما صدر عن المتقدم وزيادة فجميع هذه القوى كشيء واحد متوجه من حد ما من النقصان إلى حد ما من الكمال واسم النفس واقع منها على الثلاث الأخيرة فهي على اختلاف مراتبها نفس البدن المولود وتبين من ذلك أن الجامع للأجزاء الغذائية الواقعة في المنيين هو نفس الأبوين وهو غير حافظها والجامع للأجزاء المضافة إليها إلى أن يتم البدن وإلى آخر العمر والحافظ للمزاج هو نفس المولود قال ثم لهم تردد يعني لما كان كلامهم في باب القوى مبنيا على الحدس والتخمين دون القطع واليقين وقع مترددا في عدة مواضع منها أن الغاذية والنامية والمولدة قوى متعددة بحسب الذات أم بمجرد الاعتبار ويكون اختلاف الأفعال والآثار راجعا إلى اختلاف الآلات والاستعدادات مثلا تفعل الغاذية النمو فيما إذا كان الوارد زائدا على المتحلل والتوليد فيما إذا صار صالحا لأن يصير منيا وحاصلا في الأنثيين ويعرض لأفعالها قوة أو ضعف في بعض الأحوال لأسباب عائدة إلى المواد والآلات وزيادة الحرارة الغريزية ونقصانها وكذا تفاوت في الحدوث بأن يحدث التوليد بعد التغذية والتنمية ويبقى اليد دون التنمية وتبقى التغذية دون التنمية والتوليد وما تقرر عندهم من أن أثر الواحد لا يكون إلا واحدا فإنما هو في الواحد بجميع الجهات ومنها أن النفس النباتية اسم لهذه القوى في النبات وكذا الحيوانية في الحيوان أم هي صورة جوهرية مبدأ لهذه القوى في النبات وللحس والحركة أيضا في الحيوان ولإدراك المعقولات ايضا في الإنسان ومنها أن الغاذية هل هي مغايرة بالذات للجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة أم لا بل هي عبارة عنها كما يشعر به كلام جالينوس وغيره وأيضا ذهب بعضهم إلى أن الأربعة واحدة بالذات متغايرة بالاعتبار بمعنى أن هناك قوة واحدة فعلها جذب عند الإدرار إمساك بعد الإدرار هضم بعد الإمساك دفع بعد الانهضام ومنها أن الغاذية على تقدير مغايرتها للبواقي هل هي قوة واحدة فعلها التحصيل والتشبيه والإلصاق أم قوى ثلاث متغايرة بالذات مبادي للأفعال الثلاثة وميل ابن سينا إلى الثاني وهو الظاهر من قواعدهم ثم أنها نفس القوى الثلاث لا قوة أخرى تستخدمها لأنه ليس هناك فعل آخر غير إيراد البدل والتشبيه والإلصاق ومنها أنه كيف تصدر هذه الأفعال المتقنة المحكمة على النظام المخصوص عن القوى التي هي أعراض قائمة بالأعضاء لا يتصور لها قدرة وإرادة أو علم خصوصا إذا تؤمل في الصور العجيبة والأشكال الغريبة والنقوش المؤتلفة والألوان المختلفة الموجودة في أنواع النبات والحيوان فإن العقل لا يكاد يذعن لصدورها عن القوة التي سموها مصورة وإن فرضنا كونها مركبة وكون المواد مختلفة كيف وقد ورد الكتاب الإلهي في عدة مواضع باستناد جميع ذلك إلى الله سبحانه وتعالى وأشار إلى دلالتها على كونه قادرا حكيما وصانعا قديما والفلاسفة أيضا لما رجعوا إلى الفطرة السليمة صرحوا بأن هذه القوى إنما تفعل ذلك بإذن خالقها القدير وموجدها الحكيم الخبير ومنهم من قال نحن نعلم قطعا أن ما في التغذية والتنمية والتوليد من الحركات إلى الجهات المختلفة ومن الإلصاقات ومن التشكيلات لا يصح بدون الإدراك وأن هذا الإدراك ليس للنفس الإنسانية فإن هذه الأفعال دائمة في البدن والنفس غافلة عنها وتحدس حدسا موجبا لليقين أن الحيوانات العجم أيضا لا تدرك أفعال هذه القوى في أبدانها فإذن هو إدراك موجود آخر له اعتبار بهذه الأنواع ( قال خاتمة ) لا خلاف في أن النبات ليس بحيوان لأن المراد به ما علم فيه تحقق الحس والحركة وإنما الخلاف في حياته فقيل هو حي لأن الحياة صفة هي مبدأ التغذية والتنمية وقيل لا إذا الحياة صفة هي مبدأ الحس والحركة الإرادية واعترض بأنا لا نسلم انتفاء ذلك في النبات غاية الأمر انتفاء العلم بتحققه فيه ومنهم من ادعى تحققه فيه مستشهدا بالإمارات على ما سبق ومنهم من بالغ في اتصافه بالإدراك حتى أثبت له إدراك الكليات وهو المعنى بالعقل زعما منه أن ما يشاهد من ميل إناث التخيل إلى بعض الذكور دون البعض وميل عروقها إلى الصوب الذي فيه الماء وانحرافها في صعودها عن الجدار المجاور لا يتأتى بدون ذلك وهذا ينسب إلى جمع من قدماء الحكماء قال المبحث الثالث لا خفاء في اشتراك القوى الطبيعية بين النبات والحيوان وإن كان اشتراكا بمجرد المفهوم دون الحقيقة للقطع بأن غاذية الحيوان تخالف بالنوع غاذية النبات بل صرح ابن سينا بأن غاذية كل عضو تخالف بالنوع غاذية عضو آخر ثم الحيوان يختص بقوى أخرى مدركة ومحركة تسمى نفسانية نسبة إلى النفس الحيوانية أو إلى النفس الناطقة لكونها في الإنسان أكمل منها في سائر الحيوانات وذلك لأن الحيوان لزيادة اعتداله قد يختص بما ينفعه ويلائمه وبما يضره وينافيه فاحتاج إلى طلب للنافع وهرب من الضار وذلك بإدراكهما والاقتدار على الحركة إلى النافع وعن الضار بخلاف النبات فإنه ليس في ذلك الاعتدال ولو كان فإنه مركوز في موضعه لا يمكنه التحرك عن شيء إلى شيء فيكون قوة الإدراك والتحريك فيه ضايعا بل ربما يكون ضائرا ثم كلامهم متردد في أن القوى النفسانية جنس للمدركة والمحركة أو بمنزلة الجنس وكذا في انقسام كل منهما إلى ما له من الأقسام بل في جميع الانقسامات الواقعة في باب القوى وذلك لأن معرفة الأجناس والفصول وتمييز الذاتيات والعرضيات عسيرة جدا في الحقائق المدركة بالعيان فكيف فيما لا يعرف إلا من جهة الآثار ولا يعقل إلا بحسب الإضافات والاعتبارات ككون الشيء مبدأ التغير في آخر قال وقد يثبت يعني أن الأطباء يثبتون جنسا آخر من القوى تسمونها القوة الحيوانية ويجعلونها مبدأ القوى النفسانية حيث يفسرونها بالقوة التي إذا حصلت في الأعضاء هيأتها لقبول الحس والحركة وأفعال الحياة كجعل الغذاء بحيث يصلح لتغذية بدن الحيوان وكحركات الانبساط عند الغضب والفرح والانقباض عند الخوف والغم ويستدلون على ذلك بأن في العضو المفلوج أو الذابل قوة تحفظ عليه الحياة وتمنعه النقض والفساد وليست هي قوة الحس والحركة لفقدها في المفلوج ولا قوة التغذية لفقدها في الذابل فهي التي تسميها القوة الحيوانية واعترض عليه من وجهين

পৃষ্ঠা ১৩