قال ارسطو ومن العدل الا نقتصر على ان نشكر الذين شاركناهم فى الاراء باعيانهم فقط دون ان نشكر من كان له فى ذلك ولو بعض الحظ فانهم قد اعانونا بعض المعونة وذلك انهم تقدموا فراضوا عقولنا وخرجوها فان طيماوس لو لم يكن لكنا نعدم كثيرا من تاليف اللحون ولو لم يكن حروسيس لم يكن طيماوس وعلى هذا المثال يجرى الامر فيمن تكلم بالحق وذلك انا اخذنا بعض الاراء عن بعض من سلف وكان اخرون السبب فى كون هولاء التفسير هذا الذى ذكره هو واجب فى حق المحدثين مع المتقدمين وذلك ان القدماء يتنزلون من المحدثين منزلة الاباء من الابناء الا ان ولادة هولاء اشرف من ولادة الاباء لان الاباء ولدوا اجسامنا والعلماء ولدوا انفسنا فالشكر لهم اعظم من شكر الاباء والبر بهم اوجب والمحبة فيهم اشد والاقتداء بهم احق فهو يقول موكدا لهذا الغرض انه ليس ينبغى ان نقتصر من شكر من سلفنا على شكر الذين علمونا اراء صادقة وهم الذين راينا مثل رايهم بل ومن لم نر رايه فان هولاء ايضا بما قالوا فى الفحص عن الاشياء خرجوا عقولنا وافادونا بذلك القوة على ادراك الحق واذا كان هذا واجبا على ارسطو مع قلة ما كان عند من تقدمه من معرفة الحق وعظم ما اتى به من الحق بعدهم وانفرد به حتى انه الذى كمل عنده الحق فكم اضعاف ما وجب عليه من الشكر يجب على من جاء بعده من شكره ومعرفة حقه وشكره الخاص به انما هو العناية باقاويله وشرحها وايضاحها لجميع الناس فان الشريعة الخاصة بالحكماء هى الفحص عن جميع الموجودات اذ كان الخالق لا يعبد بعبادة اشرف من معرفة مصنوعاته التى تودى الى معرفة ذاته سبحانه على الحقيقة الذى هو اشرف الاعمال عنده واحظاها لديه جعلنا الله واياكم ممن استعمله بهذه العبادة التى هى اشرف العبادات واستخدمه بهذه الطاعة التى هى اجل الطاعات وما قاله فى هذا الفصل مفهوم بنفسه فان الصنائع العملية والعلمية ليس يقدر احد على استنباطها فى اكثر الامر وانما تتم بمعاونة السالف فيها الخالف فلولا السالف لم يكن الخالف
পৃষ্ঠা ১০