شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
জনগুলি
أهل السنة لا يردون شيئًا من الأسماء والصفات لشناعة شنعت عليهم
ثم قال: [نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت، ولا نتعدى القرآن والحديث، ولا نعلم كيف كنه ذلك، إلا بتصديق الرسول ﷺ وتثبيت القرآن] .
وهذا الكلام دل على عدة أمور، دل على بعض الأمور التي سبقت، مثل: أننا لا نكيف، ولا نعلم كنه الصفة، أي لا نعلم كيفية وحقيقة صفات الله ﷾؛ لأن هذه الأمور لا يعلمها إلا الله ﵎، ولكن نحن نثبت الصفات لله كما يليق بجلاله وعظمته، أما كيفيتها فلا يعلمها إلا الله.
وكذلك أيضًا لا نتعدى القرآن والحديث؛ فنثبت ما ورد فيهما، ولا نتعدى ذلك.
وقوله: (ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت)، أي: أن كل ما ثبت بالدليل من كتاب الله أو من سنة رسوله ﷺ صفة لله فإننا نثبتها، ولا نرد هذه الصفة أو نتأولها لأجل تشنيع المخالفين، مثل أن يأتي قائل ويقول: كيف تثبت لله الوجه وتثبت لله اليدين؛ فإن إثبات الوجه واليدين والعين تجسيم؛ وأنت حين تثبت الصفات كأنك تشبه الله بالمخلوقين، فمن أثبت لله الوجه واليدين فقد أثبت لله أبعاضًا، فهو مجسم؟ فيشنع علينا عندما نثبت هذه الصفات بمثل هذه الشناعات؛ لأن هذا عنده تشبيه، وهذا تجسيم، وهذا لا يليق بالله، وكأنك تمثل الله بخلقه إلى آخره.
فما هو موقفنا من ذلك؟ هل نخضع لتشنيع هؤلاء، أم ماذا نصنع؟ منهجنا أهل السنة والجماعة أننا لا ننظر إلى التشنيع، بل نثبت لله ما ثبت ولو شنع علينا من شنع، فإذا جاءوا وقالوا: إثبات الوجه لله تجسيم، فنقول: نحن نثبت لله الوجه، وسمه تجسيمًا أو لا تسمه فنحن لا نلتفت إلى قولك، نحن نثبت لله اليدين كما يليق بجلاله وعظمته، وإذا سميت هذا تشبيهًا وتجسيمًا فنحن لا نلتفت لتسميتك، ولن نرد الصفة لأجل تشنيعك علينا بأننا مجسمة أو مشبهة أو حشوية أو نابتة أو غير ذلك، كما أننا -مثلًا- لا نرد محبة أصحاب الرسول ﷺ لأجل تشنيع الرافضة حينما يقولون: لا ولاء إلا ببراء.
فالرافضة يقولون: من لم يبغض الصحابة فهو ناصبي، فنقول لهم: كيف سميتموه ناصبيًا؟ هذه الشناعات لا نلتفت إليها، نحن نحب أصحاب النبي ﷺ جميعًا، وبالمقابل لو قال لنا ناصبي: لا تحبوا آل البيت؛ لأن محبة آل البيت رفض، فنقول: حتى ولو شنعتم علينا وقلتم إن محبة آل بيت رسول الله ﵌ رفض، فنحن لا نخضع لقولكم، بل نحب آل بيت رسول الله ﷺ المحبة اللائقة بهم، حتى ولو شنعتم وسميتم ذلك رفضًا، وحالنا كما قال الشاعر: إن كان رفضًا حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي والآخر يقول: إن كان نصبًا حب صحب محمد فليشهد الثقلان أني ناصبي يعني: أن العبارات والشناعات لا تغير من حقائق الأمور، فنحب أصحاب الرسول، ونحب آل بيت رسول الله، ولو أن هؤلاء سموه نصبًا وأولئك سموه رفضًا.
كذلك أيضًا نثبت لله الوجه واليدين والاستواء والنزول كما يليق بجلاله وعظمته، حتى وإن سمت المعطلة هذا تشبيهًا أو تجسيمًا أو غير ذلك.
فلا ينبغي للمتمسك بمنهج أهل السنة والجماعة أن يستسلم لتشنيع هؤلاء، ومثله تمامًا ما يفعله كثير من الناس اليوم، إذا أحدهم رأى الشاب المسلم قال: هذا مطوع متزمت أصولي إرهابي إلى آخره! فلا ينبغي للإنسان أن يترك سنة الرسول وأن يترك التمسك بما أوجب الله عليه وأوجب عليه رسوله ﷺ لأجل شناعات هؤلاء.
فمثلًا: الذي يرفع ثوبه فوق الكعبين، يقال عنه: إنه متطرف، أو يشنع عليه بأنواع الشناعات، فلا ينبغي للإنسان أن يلبس ثوبًا وينزله تحت الكعبين حتى تزول عنه الشناعة، وإنما يلتزم هدي الرسول ﷺ ولو شنع المشنع، فيجب الالتزام بكل سنة الرسول ﷺ.
وهكذا مسيرة أهل الزيغ والضلال متشابهة منذ عهد الرسول ﷺ وإلى ما شاء الله، فإنهم في كل وقت يخترعون ألقابًا جديدة يشنعون بها على المتمسكين وعلى المتشبثين بكتاب ربهم وسنة رسولهم ﷺ.
والمؤمن الصادق الواثق من نفسه الواثق من منهجه هو الذي لا يعبأ بمثل هذه العبارات، ولا بمثل هذه الشناعات، بل يعتز بدينه اعتزازًا قويًا، والله ﷾ مؤيده وناصره ومثبته.
2 / 11