شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
شرح لمعة الاعتقاد للمحمود
জনগুলি
تحريم تمثيل الله ﷿ وتوهمه بالعقول والقلوب
قال رحمه الله تعالى: [لا تمثله العقول بالتفكير] .
أي: أنه ﷾ في ذاته وصفاته لا يمكن أن تمثله أو تشبهه العقول في تفكيرها، أي: مهما بلغ العقل في فهمه وسعة خياله أو نحو ذلك فلا يستطيع أن يمثل أو يشبه ذات الله أو صفة من صفات الله ﵎، وكيف يستطيع عقل الإنسان القاصر الصغير أن يمثل ذات الله أو صفة من صفاته، والله ﷾ يقول عن نفسه: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر:٦٧]، فتصور هذا! فأنى لهذا الإنسان الذي يعتبر خلقًا صغيرًا جدًا يجري على هذه الأرض، وهذه الأرض بالنسبة لكون الله الشاسع لا تمثل إلا ذرة صغيرة جدًا، ومع ذلك فإن الأرضين والسماوات بكواكبها ومجراتها وسعتها تكون كما قال الله ﷾: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر:٦٧]، فكيف يأتي العقل ليمثل صفات الله ﷾؟! فالله ﷾ لا تمثله العقول بالتفكير.
ثم قال ﵀: [ولا تتوهمه القلوب بالتصوير] .
أي: أن القلب مهما توهم لا يمكن أن يصل إلى وهم معين بتصوير ذات الله ﷾ أو صفاته، ولهذا قطع أئمة السلف رحمهم الله تعالى أن كيفية صفات الله ﷾ لا تدرك ولا يحاط بها، ولذا فإن أهل السنة والجماعة يثبتون لله الصفات، لكن الكيفية يكلون أمرها إلى الله ﵎، كما قال تعالى عن نفسه: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾ [الأنعام:١٠٣]، أي: أنه ﷾ وإن كان يراه المؤمنون يوم القيامة رؤية عيانية حقيقية إلا أنهم مع رؤيتهم له لا يدركونه، ولا يحيطون به ﷾.
وفرق بين الرؤية وبين الإدراك، فنحن الآن -مثلًا- نرى السماء أو نرى الشمس أو نرى القمر لكننا لا نستطيع أن ندركه، بل نرى الجبل في الأرض لكن لا نستطيع أن ندرك تفاصيل هذا الجبل ونحو ذلك، ولله المثل الأعلى؛ فالله يرى، لكن مع ذلك هو ﷾ كما قال عن نفسه: ﴿لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام:١٠٣]، فهو سبحانه لا تتوهمه القلوب بتصوير معين، سواء كان هذا التصوير مما يتوهمه القلب لصفة ذاتية لله ﷾ أو لصفة معنوية.
1 / 11