وتدخل لإخراج الكلام عن الواجب إلى غيره، مثل حروف الاستفهام كقولك: هل زيد قائم؟
وتدخل أيضا لعقد الجملة بالجملة كقولك: " إن يقم أقم " فإن " يقم " جملة، " وأقم " جملة، وانعقدت إحداهما
بالأخرى بدخول حرف الشرط.
وما لم نذكره فهو يجري مجراه.
هذا باب مجاري أواخر الكلم من العربية
أما قوله: " مجاري " فإنما أراد به الحركات، حركات أواخر الكلم، والدليل على ذلك قوله: " وهي تجري على ثمانية مجار على النصب والرفع ".
فأبدل " النصب والرفع " وما بعدهما من " ثمانية "، والبدل هو المبدل منه في هذا الموضع، وأبدل بإعادة العامل، كما قال الله تعالى: قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ (١) فأبدل من " الذين " وأعاد اللام.
وقوله: " وهي " كناية عن أواخر الكلم، كأنه قال: باب حركات أواخر الكلم، وأواخر الكلم تجري على ثماني حركات.
فإن قال قائل: فلم سمى الحركات " مجاري "، وهنّ يجرين، والمجاري يجرى فيهن؟
ففي ذلك جوابان:
أحدهما: أن الحركات- لما كانت أواخر الكلم قد تنتقل من بعضها إلى بعض، كما تنتقل الحركة من حرف إلى حرف- جاز أن يسمّي الحركات مجاري، من حيث تنتقل فيهن أواخر الكلم، وجعل كل واحدة منهن " مجرى "، ثم جمعها على " مجار ".
والوجه الثاني: أن يكون " مجرى " في معنى جرى، وهو مصدر، والمصادر قد يلحق أوائلها الميم، كما يقول: " مضرب " في معنى الضرب و" مفر " في معنى الفرار، فكأن واحد المجاري في هذا الوجه " مجرى " في معنى " جري ".
فإن قال قائل: فلم جمع، والمصادر لا تجمع؟ قيل له: قد تجمع المصادر إذا كانت مختلفة أو ذهب بها مذهب الخلاف، وقال الله ﷿: وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (٢) أراد:
_________
(١) سورة الأعراف، آية ٧٥.
(٢) سورة الأحزاب، آية ١٠.
1 / 20