وحدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: يا أبا عبد الرحمن -وهذه كنيته- رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من أصحابك يصنعها، لعله أراد على سبيل الاجتماع، لا يصنعها مجتمعة، لا على سبيل الإفراد، ابن عمر لم يستقل بهذه الأربع، بل وافقه عليها الصحابة على مسألة مسألة، إنما اجتماع هذه الأربع يستقل بها ابن عمر -رضي الله عنهما-، قال: ما هن يا ابن جريج؟ قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، اللذين في الجهة الجنوبية، الركن اليماني والذي يليه الذي فيه الحجر الأسود، ويترك الركنين الآخرين الذين في جهة الحجر لكونهما ليسا على قواعد إبراهيم، قريش لما أعادوا بناء الكعبة، وقصرت بهم النفقة نقصوا من الكعبة ما يقرب من ستة أمتار الذي هو الحجر، وتركه النبي -عليه الصلاة والسلام- على حاله، ترك الأمر على حاله، ولم يكمل مع قدرته على ذلك؛ لأن القوم حديثو عهد بجاهلية، والتصرف في مثل هذه الأمور المقدسة لا شك أنه يعرضها للقيل والقال، ابن الزبير لما تولى أعادها على قواعد إبراهيم، ثم نقضت بعده وأعيدت على ما مات -عليه الصلاة والسلام-، وهي على حالها؛ لأنه مروان ومن معه يسعهم، وهذا رأي سديد، يسعهم ما وسع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن كانت في الأصل شاملة للحجر إلا شيء يسير منها، ثلثي ذراع، فتركها مروان على ما كانت عليه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأعاد بناءها، وأخرج الحجر، حكمه حكم الكعبة، لا يجوز الطواف فيه، لا بد أن يكون الطواف من ورائه؛ لأنه من الكعبة، والركنان اللذان يليانه ليسا على قواعد إبراهيم، فلا يمسحان، وإن جاء عن بعض الصحابة أنهما يمسحان وأنه ليس في البيت شيء مهجور، ولا يهجر شيء من أركان البيت؛ لكن الدليل الصحيح الثابت عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يمسح إلا الركنين اليمانيين.
পৃষ্ঠা ৮