لكنه غير مصرح به، والاحتمال قائم أن يكون ابن عمر روى عن تابعي، يستحيل؟ ما يستحيل هذا، لكن الغالب أن الصحابي لا يروي إلا عن صحابي، لا سيما وقد ثبت عن جمع من الصحابة، مثل هذه الصيغة: بلغني هل تدخل في مراسيل الصحابة التي نقل الإجماع على الاحتجاج بها؟ وإن خالف في ذلك أبو إسحاق الإسفراييني ومعه نزر من أهل العلم، يقول الحافظ العراقي -رحمه الله-:
أما الذي أرسله الصحابي ... فحكمه الوصل على الصواب
لكن هل هذا من مراسيل الصحابة؟ الصحابي يحكي قصة أو ينقل قول عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مما لم يسمعه منه، يحكي قصة لم يشهدها لصغر سنه كرواية عائشة -رضي الله عنها- في قصة بدء الوحي، لم يشهدها لصغر سنه أو لغيبته، أو لتأخر إسلامه، يكون إرسال؛ لكن إذا قال: بلغني، هنا يسمى إرسال وإلا ما يسمى إرسال؟ أو نقول: لا بد من مبلغ، صرح ابن عمر بأنه مبلغ، والمبلغ مبهم، فيكون متصل فيه راو مبهم، هو من حيث الناحية العملية ما فيه فرق، من حيث الاحتجاج ما فيه فرق، الذي يقبل مراسيل الصحابة يقبل هذا؛ لكن المسألة مسألة اصطلاحية، على اصطلاح البيهقي أن إبهام الراوي إرسال يدخل هذا، وعلى قول غيره لا يدخل مثل هذا، قال: وبلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)).
وحدثني زهير بن حرب وابن أبي عمر قال ابن أبي عمر: حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، ويهل أهل الشام من الجحفة، ويهل أهل نجد من قرن)) قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: وذكر لي ولم أسمع مثله، ذكر لا بد من وجود ذاكر، ولم أسمع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ويهل أهل اليمن من يلملم)) لكن مثل هذا لا يضر، الذاكر والمبلغ في الغالب صحابي، وجهالة الصحابي لا تضر، وهو أيضا ثابت من حديث غيره.
পৃষ্ঠা ১৪