شرح كتاب السنة للبربهاري - الراجحي
شرح كتاب السنة للبربهاري - الراجحي
জনগুলি
الإيمان بحوض النبي ﷺ يوم القيامة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والإيمان بحوض رسول الله ﷺ، ولكل نبي حوض إلا صالح ﵇ فإن حوضه ضرع ناقته].
أي: من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بحوض النبي ﷺ، فقد جاء في كثير من الأحاديث إثبات حوض النبي ﷺ، وأنه حوض عظيم، يصب فيه ميزابان من نهر الكوثر من الجنة، وورد أن طوله مسافة شهر، وعرضه مسافة شهر، والآنية التي يشرب فيها عدد نجوم السماء، وهو أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وأطيب ريحًا من المسك، من شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبدًا حتى يدخل الجنة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الواردين على حوض نبينا ﷺ.
والأحاديث التي جاءت في إثبات الحوض كثيرة تبلغ حد التواتر، وأنكرها أهل البدع من المعتزلة وأشباههم، وهذا من جهلهم وضلالهم.
ونحن نعلم أن الأحاديث المتواترة قليلة، تقارب أربعة عشر حديثًا، أما أكثر السنة فقد ثبتت بخبر الأحاد؛ لأن خبر الواحد إذا صح سنده واتصل وعدل رواته وجب العمل به في العقائد والأحكام جميعًا، وأكثر ما في الصحيحين -صحيح البخاري وصحيح مسلم - أخبار آحاد.
فالمتواتر هو الذي يرويه جماعة كثيرون يستحيل في العادة تواطؤهم على الكذب، عن جماعة آخرين، من أول السند إلى منتهاه ويسندونه إلى محسوس، وما كان دون ذلك فهو خبر الواحد، حيث رواه واحد أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو ما دون التواتر.
فالأحاديث في إثبات الحوض متواترة، والأحاديث المتواترة قليلة -كما قلنا- تقارب أربعة عشر حديثًا منها حديث الحوض، وحديث الشفاعة، ومنها حديث: (من بنى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنة)، ومنها حديث: (من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار)، ومنها حديث النهي عن الصلاة بعد العصر.
فالأحاديث في إثبات الحوض متواترة، ومع ذلك أنكرها المعتزلة وأهل البدع، وهذا من جهلهم ومن ضلالهم، فيجب الإيمان بحوض نبينا ﷺ.
قول المؤلف: (ولكل نبي حوض) جاء هذا في بعض الأحاديث عن النبي ﷺ، يقول شيخ الإسلام: صح هذا من حديث سمرة أن النبي ﷺ قال: (إن لكل نبي حوضًا، وأنهم يباهون أيهم أكثر واردًا، وإني أرجو الله أن أكون أكثرهم واردًا).
وقوله: (إلا صالح النبي ﷺ؛ فإن حوضه ضرع ناقته) يعني: أن نبي الله صالحًا ليس له حوض، اكتفاء بالناقة التي أعطيها في الدنيا، فقد كانت تشرب المياه يومًا وتعطيهم من اللبن بقدر ما شربت، وفي اليوم التالي تترك الماء لهم، قال تعالى: ﴿قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعراء:١٥٥].
لكن الحديث الذي فيه أن صالحًا ﵊ ليس له حوض، وأن حوضه ضرع ناقته، لم يصح عن النبي ﷺ، بل إنه حديث موضوع، وعلى هذا فيكون نبي الله صالح له حوض كغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكأن المؤلف ﵀ لم يعتن بالبحث عن سند هذا الحديث، إما لأنه لم يتيسر له مراجعة الحديث، أو لغير ذلك من الأسباب.
4 / 2