62

Sharh Kitab Al-Fawaid

شرح كتاب الفوائد

জনগুলি

غاية الجهل في الشكوى قال المصنف رحمه الله تعالى: [الجاهل يشكو الله إلى الناس، وهذا غاية الجهل بالمشكو والمشكو إليه]. فكم جاهل بيننا بل كلنا جهلة؛ لأننا نشتكي من الزمن والأيام والدهر، والله يقول في الحديث القدسي: (لا تسبوا الدهر فأنا الدهر، وأنا الذي أصرفه بيدي)، وتجد الناس يقولون: الأيام هذه أيام صعبة، والأيام هذه ليس فيها خير، وهذا سب لله ﷿ والعياذ بالله؛ فالدهر وأيام الأسبوع وأشهر السنة منذ أن خلق الله السموات والأرض لم تتغير، والله تعالى يقول: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾ [التوبة:٣٦]، فالأيام والسنون لم تتغير، ولكن الناس هم الذين تغيروا. قال المصنف رحمه الله تعالى: [فإنه لو عرف ربه لما شكاه] فكيف نشكو من اسمه: الكريم؟! وكيف نشكو من اسمه: الرحيم، والغفور والودود والناصر والمعين والولي والقيوم؟! قال: [ولو عرف الناس لما شكا إليهم، ورأى بعض السلف رجلًا يشكو إلى رجل فاقته وضرورته، فقال: يا هذا! والله ما زدت على أن شكوت من يرحمك إلى من لا يرحمك، وفي ذلك قيل: وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم والعارف إنما يشكو إلى الله وحده]. فسيدنا يعقوب قال: ﴿إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف:٨٦]. قال: [وأعرف العارفين من جعل شكواه من نفسه لا من الناس] يعني: يشتكي نفسه لله، ويقول: يا رب! أنا لست صالحًا ولست مطيعًا، أصلح لي نفسي يا رب! اجعلني راضيًا وقنوعًا، وانزع من قلبي الحسد، واجعلني صابرًا، واجعلني تقيًا، واجعلني زاهدًا، واجعلني مصليًا، واجعلني قارئًا للقرآن، وارزقني العلم، وحفظني القرآن، وفهمني تلاوته. وتجده يدعو الله ويشكو نفسه إليه ﷾، ولكن تجد أكثر الناس هذه الأيام يسأل الله الدنيا ويقول: يا رب! أعطني مالًا ووفر لي كذا، وسخر لي كذا وهذه كل طلباته، سبحان الله! قال: [فهو يشكو من موجبات تسليط الناس عليه، فهو ناظر إلى قوله تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى:٣٠]، وقوله: ﴿وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء:٧٩]، وقوله: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ﴾ [آل عمران:١٦٥]]. وهذه الآية نزلت في غزوة أحد. قال المصنف رحمه الله تعالى: [فالمراتب ثلاث: أخسها أن تشكو الله إلى خلقه، وأعلاها أن تشكو نفسك إليه، وأوسطها أن تشكو خلقه إليه].

7 / 4