180

Sharh Kitab Al-Fawaid

شرح كتاب الفوائد

জনগুলি

بيان ما يحصل به التطهير من الذنوب بعد الموت
إن مظالم العباد والصلاة التي لم يصلها العبد، والزكاة التي لم يزكها يطهر منها العبد على مرحلتين: الأولى: في القبر.
فجل عذاب أمة محمد ﷺ في القبور، فمن فضل الله أن كثيرًا من الذنوب تتطهر عن العصاة في القبر.
الثانية: شفاعة الرسول ﷺ، وشفاعة المؤمنين، فالمسلم قد يجد مسلمًا يكاد أن يقع في النار، فيقول: يا رب! شفعني فيه؛ فلقد رآني مرة مظلومًا فنصرني، فيقول الله تعالى: خذ بيد أخيك وادخلا الجنة.
ولذلك قال الرسول ﷺ: (أكثروا من الأخلاء الصالحين، فإن لكل مؤمن شفاعة يوم القيامة)، كل مؤمن له شفاعة، مثل الرجل أو المرأة التي لها صلة طيبة بالناس، فإنهما إذا مرضا زارهما في المستشفى أناس كثيرون؛ لأن الرجل محبوب، والمرأة حنونة على الكل وحنونة على الأسرة كلها، فالأسرة كلها تحبها.
ففي الحديث: (أكثروا من الأخلاء الصالحين؛ فإن لكل مؤمن شفاعته يوم القيامة)، وأول من يشفع هو الرسول ﷺ، يشفع لأصحاب الكبائر من أمته، الذين عملوا كبائر ولم يتوبوا، وبعد شفاعة الرسول ﷺ يشفع العلماء، ثم الشهداء ثم الصالحون، فهذه أربعة أنواع من الشفاعات، وبعد ذلك يقول الله ﷿: (شفع الأنبياء وشفع حبيبي محمد وشفع العلماء وشفع الشهداء وشفع الصالحون، وبقيت شفاعتي، فيقول: أخرجوا من النار كل من قال: لا إله إلا الله)، فالحمد لله على أننا من أهل (لا إله إلا الله).
فالله ﷿ يعطينا مواسم للعبادة ومواسم للطاعة، من أجل أن الواحد منا يكون عنده أمل في رحمة الله ﷿، وعنده أمل في فضل الله ﷿، وأمل في كرم الله ﷿.
والناس الذين لا تنفع معهم الشفاعة هم الذين قال تعالى عنهم: ﴿مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ﴾ [غافر:١٨] فلا شفيع ولا صديق ولا أحد، ﴿فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ [المدثر:٤٨]، فهؤلاء الشفاعة أغلقت من ناحيتهم، كصاحب البدعة، والمصر على المعصية، والمستهزئ بالله ﷿، والذي كان يفضل مزامير الشيطان على كلام الرحمن، والذي يطبق الإحسان لغير الله ولا يطبق الإحسان لله، حيث يقول له شخص: والله العظيم لقد حصل كذا، فيقول: لا أصدقك، ثم يقول له: علي الطلاق لقد حصل كذا، فيقول: خلاص أنا أصدقك، والعياذ بالله، وكثير من الناس هكذا.
وآخر من يخرج من النار يقضي فيها مدة، ومقدار هذه المدة إلى أن يأذن الله، فيعذب مدة من أجل أن يطهر من الإثم الذي عليه، ثم ينادي ويقول: يا رب! أخرجني من النار، يا رب! أخرجني فقط، لا تجعلني أشقى خلقك، فآخر رجل يخرج من النار رجل طال عذابه فيها يقول: يا رب! أخرجني من النار، فيقول الله ﷿: عبدي! إن أخرجتك اعترفت لي بذنوبك؟ فيقول: يا رب! أعترف، ولكن أخرجني، فعندما يخرج من النار يقول الله ﷿ له: اعترف بذنوبك، إنك وعدت بأن تعترف، فيقول: يا رب! ليس لي ذنوب، فأنا لم أرتكب ذنبًا قط، فيقول الله تعالى: يا عبدي! إن لي عليك بينة، فهناك شهود وحجج وبراهين وأدلة تقول: إنك أذنبت، فينظر عن يمينه فلا يرى أحدًا، وينظر عن شماله فلا يرى أحدًا، وينظر خلفه وأمامه فلا يرى أحدًا، فيقول: (لا أرضى شهيدًا على نفسي إلا نفسي)، أي: أنا أشهد على نفسي، لا أحد يشهد علي، قال ﷺ: (فختم الله على لسانه وتنطق الجوارح بالمحقرات من ذنوبه)، فالجوارح تنطق بالذنوب الصغيرة فقط، ثم يعاد إليه النطق، فيقول: (تبًا لكن، فعنكن كنت أناضل) أي: أنا كنت أكذب من أجلكن، (فيقول الله ﷿: عمدًا عمدًا عمدًا فعلت، أدخلوه الجنة، فيقول: يا رب! لقد ذكرت لي ذنوبًا صغيرة)، فإذا كان الأمر هو دخول الجنة فلابد من ذكر كبائر الذنوب، فيقول: (يا رب! إن لي ذنوبًا أكبر من ذلك، فيقول: يا عبدي! نحن إذا غفرنا، فقد غفرنا أجئت لتعلم لطيفًا خبيرًا)، أي: عندما نحكم ينتهي الأمر، فهذا آخر من يخرج من النار.
والجهنميون الذين قضوا مدة العقوبة وخرجوا من النار لا يدخلون الجنة مباشرة، فلو دخلوها فإن أهل الجنة سينظرون إليهم ويقولون: هؤلاء الذي قضوا في النار مدة طويلة، فالعذاب ظاهر في أشكالهم، بل قال ﷺ: (فيغمسون في نهر يسمى نهر الحياة، فيخرجون كالأقمار ليلة التمام، يراهم أهل الجنة فيقولون: لقد سبقنا هؤلاء بزمن طويل)، فهؤلاء أصحاب النور سبقونا في دخول الجنة.
إذًا: العبد إذا ارتكب منهيًا فالأمر أيسر من تعطيله الأمر، فالجنة لا يدخلها من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.

16 / 7