106

Sharh Kitab Al-Fawaid

شرح كتاب الفوائد

জনগুলি

ثمرات الشهوة قال المصنف رحمه الله تعالى: [الصبر عن الشهوة أسهل من الصبر على ما توجبه الشهوة]. الشهوات نوعان: شهوة حيوانية، وشهوة غريزية. فالشهوات الحيوانية مثل: الشره في الأكل وغيره، والإنسان عندما يتبع شهواته فإنها تورده موارد الهلكة، وإن كان من الممكن الامتناع عن الأكل. أما الشهوات الغريزية فهي مثل: ظلم الناس، وهي من الصفات السبعية، كالهجوم على الناس والنهش في أعراضهم، فالذي يغتاب شخصًا ويحاول الآخرون أن يسكتوه وهو لا يسكت، فهو كالكلب أمامه جثة وينهش فيها، لأنه يأكل من عرض أخيه، بل إن الكلب لا يمكن أن ينهش لحم الكلب الحي أو الميت، وإنما ينهش لحمًا آخر من غير بني جنسه. فالمؤمن يستطيع أن يمتنع عن شهوة الكلام والتحدث، وبعض الناس يريد أن يعرض عليك مشكلة ويكفيه دقيقة أو دقيقتان لكي يعرضها عليك، ولكنه يظل يعرضها ويستغرق ساعة في عرضها، حتى يقنعك بالموضوع، والموضوع غلط من أوله إلى آخره. قال المصنف رحمه الله تعالى: [فإنها إما أن توجب ألمًا وعقوبة]. فمثلًا: لو أن أحد الناس عنده شهوة شرب الخمر، فسوف تحصل له أمراض وبلايا، فهذا هو الألم، وفوق الألم عقوبة شرب الخمر، وكذلك بالنسبة للتدخين. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإما أن تقطع لذة أكمل منها]. يعني: لو امتنعت عن هذه الشهوة، فإن الله سيعطيني لذة أكمل منها، فمثلًا: لو أن أحدًا دعاك إلى عرس في يوم الخميس، فتقول له: عندي درس في يوم الخميس في المسجد، فذلك ذهب إلى المشوار الفوضوي، وأنت بحثت عن شيء أكمل منه وهو ذكر الله ﷿. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإما أن تضيع وقتًا إضاعته حسرة وندامة]. وذلك عندما تنكشف الأوراق، فالوقت من الأشياء التي سيحاسبنا عليها الله. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأما أن تثلم عرضًا توفيره أنفع للعبد من ثلمه]. فمثلًا: لو أن شخصًا يحب أن ينظر للنساء في الطرقات، وفجأة يراه أبوها أو أخوها فيقول له: عيب يا أستاذ! ويشتمه أو يقول له كلمة غير لطيفة، أو يكلمه في التلفون ويهزئه، ويقول له: بالله عليك! ألم يكن من باب أولى أن توفر العرض؟ إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل إذا كان العرض لا يدنس الشرف فأي رداء سيلبسه جميل؛ لأنه يخاف على عرضه، مثل الذي يخاف على ثوبه. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإما أن تذهب مالًا بقاؤه خير له من ذهابه]. فمثلًا: الذي يصرف كل شهر خمسين جنيهًا في السجائر، فلو أخرج منها عشرة جنيهات صدقة، وعشرة جنيهات لأقاربه، وثلاثين جنيهًا يشتري بها حلوى للأولاد لكان خيرًا له وأفضل، فإن كان غنيًا وأنفق ماله في غير محله فهو مسرف، لأن هذا المال ليس ماله وإنما المال مال الله، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ [الإسراء:٢٧]، فالمبذر أخو الشيطان، وإن كان فقيرًا فهو سفيه، والسفيه يقول الله تعالى فيه: ﴿وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ [النساء:٥]. وما هو ذنب زوجته وأولاده عندما لا ينفق عليهم ولا يكسوهم؟ وتراه يقول: لقد حصلنا على قيمة السجائر من باب الله، والأفضل أن يشتري لأولاده أشياء عينية كبذلة أو حذاء أو بنطلون أو قطعة قماش لزوجته، أو يدفع لأولاده مصاريف المدرسة، ولو أعطاه مالًا فيمكن أن يستخدمه في معصية الله. فالنصيحة لمن يخرج زكاة المال، أن يراعي هذه المسألة جيدًا، فإذا كان الفقير مدخنًا لا يعطى نقودًا، وإنما يعطى أشياء عينية: كملابس، ولحم، ودجاج، وسمك، وبعض الفاكهة، وثياب، ومصاريف المدرسة، وإيجار درس خصوصي، فلو أعطي نقودًا فإنه سوف يصرفها فيما يغضب الله فيدخن، ويترك زوجته وأولاده ولا يعطيهم شيئًا. ومن بلاء التدخين أن الشخص قبل أن يدخن لا يقول: باسم الله. فالمسلم لا يضع ماله إلا فيما ينفعه، لأن الشهوة تضيع على الإنسان مالًا بقاؤه خير من إنفاقه. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإما أن تضع قدرًا وجاهًا قيامه خير من وضعه]. أي: لو كان هناك شخص يحترمه جميع الناس ويذكرونه بكل خير، ثم يكتشفون في نهاية المطاف أنه يرتشي -مثلًا- فيصبح شكله أمامهم مخزيًا جدًا. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأما أن تسلب نعمة بقاؤها ألذ وأطيب من قضاء الشهوة]. أي: أن يكون هناك شخص يعيش مع زوجته وأولاده بأمان، وذات مرة وجدته زوجته يعمل أشياء غير أخلاقية، فأصبحت تتشاجر معه، وتبعد أولاده عنه، وأصبح الأولاد يكرهونه، فتجده يحدث نفسه ويقول: لقد كانت حياتي آمنة مستقرة، لكن هذه المعصية نغصت علي حياتي وأولادي وزوجتي وأضعت فيها مالي. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأما أن تجلب همًا وغمًا وحزنًا وخوفًا لا يقارب لذة الشهوة]. أي: فرب شهوة ساعة تورث صاحبها حزنًا وغمًا طويلًا، فالناس الذين يعصون الله متضايقين، ويحسون دائمًا باختناق ويريدون أن يخرجوا ويغيروا المكان الذي هم فيه، ويحسون بأنهم يريدون أن يستنشقوا هواءً نقيًا؛ وكل ذلك لأنهم لا يعلمون أن المعصية تضيق الصدور، والطاعة تشرح الصدور، قال تعالى: ﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد:٢٨]. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإما أن تنسى علمًا ذكره ألذ من نيل الشهوة]. فالمعاصي تنسي العلم، وتزيل النعم، ومن أكبر النعم العلم، يقول الشاعر: شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يهدي لعاصي قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأما أن تشمت عدوًا وتحزن وليًا]. فالعدو يشمت في العاصي، ويقول مثلًا: اختلس الأموال فدخل السجن، أما الولي أو الصديق فإنه يقول: يا خسارة! فلقد ضيع حياته لأجل شيء كهذا، اللهم اختم لنا بخير يا رب العباد! قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإما أن تقطع الطريق على نعمة مقبلة]. فالنعم قد تكون آتية، ولكن المعاصي تزيلها، وتزيل بركتها، فالمعاصي تزيل بركة الأولاد والزوجة والزوج والذرية والمال والعمر، فكل بركة من البركات فإنها تزول بمعصية العبد لله رب العالمين. قال المصنف رحمه الله تعالى: [وأما أن تحدث عيبًا يبقى صفة لا تزول، فإن الأعمال تورث الصفات والأخلاق]. فالإنسان عندما يرتكب المعاصي، فالعيوب تلصق فيه، وكفى بالكذاب أن أي كذبة في البلد تنسب له، حتى وإن لم يكن قالها، وتجد الناس يؤكدون بأنه هو الذي قالها، لأن الناس تعودوا أنه يكذب. وأحيانًا تجد رجلًا من صفاته قضاء مصالح الناس، فمن قصدهم بمصلحة نسبت إليه، وشكره الناس ودعوا له، مع أنه لم يقدم لهم شيئًا، لكن الله يجري النعم على أيادي أناس، ويجري النقم على أيادي آخرين. اللهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر يا رب العالمين! قال رسول الله ﷺ: (إن من الناس مفاتيح للخير، مغاليق للشر، وإن من الناس مغاليق للخير، مفاتيح للشر، فيا سعادة! من كان مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، ويا بؤس وشقاوة! من كان مغلاقًا للخير مفتاحًا للشر).

11 / 13