أما استدلالهم بلا تأكل السمك وتشرب اللبن، فلو سقط الإعراب لظهر الناصب وهو أن والجازم وهو لام الأمر، لأن النصب في الثاني بإضمار أن، والجزم على العطف، والرفع على القطع، فكانت هذه المعاني لا تلتبس. وكذلك أيضا استدلالهم بلتضرب زيدا، لا حجة فيه لأن الأمر لا يقع إلا صدرا ولام كي لا تقع إلا بعد تقدم كلام، تقول: جئت لتضرب. وكذلك أيضا استدلالهم بلا تضرب زيدا، لأنا لو حذفنا الإعراب لم يلتبس، لأن للنفي حروفا أخر غير «لا» مثل لن ولم وما، فكنا نأتي بواحد من هذه الحروف.
والدليل أيضا على أن الإعراب فرع في الأفعال أصل في الأسماء أنها كلها معربة إلا ما أشبه المبني على ما تبين قبل هذا، والأفعال كلها مبنية إلا ما أشبه المعرب فدل ذلك على أنها مبنية في الأصل إذ لو كان أصلها الإعراب لكان الماضي معربا فدل هذا على بطلان مذهبهم.
وأصل البناء السكون، وذلك أن الإعراب ضد البناء، والإعراب بابه أن يكون بالحركات فيكون البناء بضده الذي هو السكون، فعلى هذا فما وجد من الأفعال والحروف مبنيا على السكون فلا سؤال فيه لأن أصلهما البناء وأصل البناء السكون.
وما وجد مبنيا على الحركة ففيه سؤالان: لم بني على حركة؟ ولم خص بتلك الحركة دون غيرها؟
وما وجد من الأسماء مبنيا على السكون ففيه سؤال واحد، لم بني؟ لأن أصله الإعراب كما تقدم.
وما بني منها على حركة ففيه ثلاثة أسئلة: لم بني؟ ولم بني على حركة؟ ولم خص بتلك الحركة دون غيرها؟
পৃষ্ঠা ৩৫