ولم يفعل ذلك في هذه المقالة على هذا المثال لكنه ذكر أولا المرض الذي حدث ثم ذكر الوقت الذي حدث فيه من أوقات السنة ثم ذكر البلد الذي حدث فيه ثم ذكر مزاج ذلك الوقت والخلط الذي تولد في أبدان الناس عن ذلك المزاج ثم وصف طريق فعل ذلك الخلط الذي به حدث السبب المولد للجمر ثم ذكر العرض الذي تقدم ذلك والعرض الذي كان معه في تلك الحال والعرض الذي حدث فيه بعد تزيده والعرض الذي حدث فيه عند بلوغه منتهاه.
والسبب في تقديمه ذكر المرض على خلاف عادته ثم ثنى به فذكر حال الهواء قصده للإيجاز فقد نجد الواضع لهذه المقالة أبقراط نفسه كان أو ثاسالوس ابنه حريصا على الإيجاز. ولا فرق عندي فيما نحن بسبيله بين أن يقال إن هذا الكتاب لأبقراط وبين أن يقال إنه لثاسالوس.
وأنا ملخص هذه الأشياء التي ذكرتها مجملا فأقول إن فاتحة هذه المقالة كأنه جعلها شبيهة بما تقدم من الرسم قبل الشيء الذي يقصد لصفته كأنه قال: «إن الجمر الذي حدث في الصيف بمدينة قرانون» ثم تقطع إذا قرأت هذا وتبتدئ من الرأس وتقرأ: «جاءت أمطار جود» حتى تفهم في هذا الكلام الأول من عندك أنه كان على هذه الجهة كأنه قال: «إن الجمر الصيفي الذي كان بقرانون كان على هذه الجهة: جاءت أمطار جود مع حر الصيف كله وكان أكثر ما يكون تلك الأمطار مع الجنوب».
পৃষ্ঠা ৭৮