بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
رحل أبو تمام حبيب بن أوس الطائي بعد الثلث الأول من القرن الثالث الهجري بعام أو عامين، مخلفا وراءه المئات من القصائد والقطع الشعرية التي أستحق بها عن جدارة وعلو كعب أن يكون زعيم مدرسة في شعرنا العربي، ومخلفا كذلك اختيارات شعرية، كان يختارها من شعر العرب بذوقه ونقده، فجاءت هي الأخرى دالة علي سلامة في الذوق، وبصيرة في النقد حتى قيل: إنه كان فيها «أشعر من شعرة».
وكان أروع اختياراته الشعرية- في نظر القدماء والمعاصرين- ديوان الحماسة الذي ما إن وقع تحت أيدي العلماء ودارسي الأدب حتى أقبلوا علية يوفونه حقه في الدراسة والشرح. بدأ ذلك منهم منذ منتصف القرن الثالث الهجري، وأستمر إلي عصرنا هذا الحديث.
لقد تصدي لشرحه كبار العلماء في مختلف العصور، منهم في القدماء أبو عبد الله النمري، والحسن بن بشر الآمدي، وأبو هلال العسكري وأبو علي المرزوقي، وأبو الفتح عثمان بن جني، وأبو العلاء المعري، وتلميذة أبو زكرياء التبريزي، ومنهم من المعاصرين سيد علي المرصفي، والشيخ إبراهيم الدلجموني، والشيخ محمد الطاهر بن عاشور.
إن احتفال العلماء بديوان الحماسة كان عظيما، دل علي ذلك ما قمنا به من إحصاء لشروحهم، حيث بلغ تتبعنا لها- وفق ما وقفنا علية في المصادر ومكتبات العالم- أربعة وأربعين شرحا عدا الشروح المجهولة النسبة إلى أصحابها.
2 / 3