الضبع على أكله، وأن لا يقبر بعد قتله ليكون هذا الفعل أوجع لقلوب قومه وأدعي لهم إلى الثؤور بدمه، وقد فسر بغير ذلك إلا أنا لم نضع هذا الكتاب لهذا الفن فنستقصي فيما نشرح منه، وإنما شذرناه بما نظمنا من غير سمط فيه.
ــ
عامر جرو الضبع، ولم يعرف [بال] لإجرائه مجرى العلم. (والالتفات في المخاطبة نوع من أنواع البلاغة) والبيت حينئذ مبني على كلامين، كأنه قال: لا تدفنوني مخاطبًا أصحابه، ثم أقبل على الضبع فقال أبشري أم عامر، فإنك تأكلين مني فهو من تحويل الكلام عن شيء إلى آخر، يقال بشرته فأبشر، وبشرته مخففًا فاستبشر، وحكي: أبشرته أيضًا ومن هنا علم أنه إذا ذكر أمر ثم ذكر بعده أمر آخر ولم يوقع في لبس فذكره بنداء آخر غير لازم كما في هذا الشعر، ففي مثله أربعة أوجه. فلو ألبس كما في نحو: اقبل يا زيد واذهب يا عمر لزم ذلك. فمن ظنه لازمًا مطلقًا فقد غفل، فإن قلت: المخاطب في الثاني هو الضبع وهو غير الأول أعني القوم فكيف يكون التفاتًا؟ قلت: هذا نوع من تلوين الخطاب لغذاء العقول والأفهام كما يكون لغذاء الأشباح الطعام والأدباء تسميه التفاتًا، وليس هو الالتفات المشهور
1 / 59