শারহ দিওয়ান মুতানাব্বি
شرح ديوان المتنبي
জনগুলি
هذا الوداع وداع الروح للجسد
وكان قد مدحه من قبل، ويغلب على الظن أن الشاعر لم يشأ أن يمدح أحدا قبل كافور وهو في طريقه إليه، وأنه كان سائرا إلى هناك عن عمد، ونية مبيتة وأمر محزوم.
فأما كافور الأخشيدي هذا، فلا مندوحة من أن نوجز تاريخه في لمحة خاطفة، وهو تاريخ لا نخال القارئ إلا عالما به.
هو مولى أسود كان لمحمد بن طغج الأخشيد، ومحمد بن طغج كان واليا من قبل المقتدر بالله العباسي على دمشق سنة ثماني عشرة وثلاثمائة، ثم ضم إليه الراضي بالله مصر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، ولقبه بعد ذلك «الأخشيد» واستتب الأمر له ولذريته في مصر إلى عهد الفاطميين.
ويقول صاحب النجوم الزهراء: إن الأخشيد اشترى كافورا بثمانية عشر دينارا من بعض رؤساء مصر، وأعتقه، ثم رقاه حتى جعله من كبار القواد؛ لما رأى منه الحزم والعقل وحسن التدبير، ولما أضحى كافور قائد الجيوش الأخشيدية حارب ابن رائق، ثم سيف الدولة في الشام، وقد قدمنا أن أبا الطيب ذكره في مدحه لمساور بن محمد.
وعندما توفي الأخشيد أخذ كافور البيعة لابنه أنوجور وعاد به إلى مصر، وقد ظن سيف الدولة أن موت الأخشيد يمكنه من دمشق، فاستولى عليها وتقدم إلى الرملة، ولكن كافورا - وكان الحاكم الفعلي - سار إليه فهزمه وأخرجه من حلب، ثم اصطلحا، فأخذ سيف الدولة حلب، وأخذ أنوجور دمشق، وتوفي أنوجور سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، فاجتهد كافور في أن يبقى الأمر لبني الأخشيد، ونجح في ذلك؛ إذ نال من الخليفة المطيع لله تولية لعلي بن الأخشيد مكان أخيه، على أن علي بن الأخشيد لم يلبث أن مات سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وبقيت مصر أياما بغير أمير - وكان أمرها في يد كافور - فاتفق أعيانها على تأميره ، فأصبح بذلك هو السلطان - اسما وفعلا - حتى توفي سنة ست وخمسين وثلاثمائة وعمره خمسة وستين سنة بعد أن حكم مصر وقسما من الشام اثنتين وعشرين سنة.
وكان كافور الأخشيدي داهية في السياسة، شجاعا حكيما، استطاع أن يكسب صداقة العباسيين والفاطميين معا، ويقال: إنه هو الذي أخر غزو جيوش المعز لمصر حتى مات، فخلى لها السبيل، وإن حزمه وكياسته جعلت منه سياسيا قديرا، وداهية خطيرا، وكان له - إلى هذا - بصر بالعربية والأدب، وكان محبا للعلماء والأدباء، يقرب الشعراء ويجزيهم، وكان دينا متواضعا، سخيا كثير الهبات والخلع والعطايا والصدقات.
ولا بأس من أن نقول: إن كافورا الذي عرفه التاريخ السياسي، غير كافور الذي عرفه كثيرون من رواة تاريخ الأدب؛ فمن هؤلاء من صوره في أقبح الصور، متأثرا بما لطخه به أبو الطيب من صفات أودعها كل نقمة وبغضاء؛ فمن الخير أن نعرف الرجل على حقيقته، ولا ننكر عليه مكانته وفطنته وكفايته؛ لنسير في سيرة شاعرنا - بعد ذلك - سير المحايد غير المحابي أو المتجني. •••
وقدم أبو الطيب مصر في جمادى الثانية سنة ست وأربعين وثلاثمائة، فأقام بها أربع سنين ونصف سنة، حتى بارحها في ذي الحجة سنة خمسين وثلاثمائة، وقد مدح كافورا حين قدم عليه بقصيدته:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا
অজানা পৃষ্ঠা