148

الا الذهب وقس عليه الهلاكة والغرق وأمثالهما فان الألفاظ موضوعة للمعاني العامة الشاملة للحقايق والرقايق يا من اضحك وأبكى في المجمع أي فعل سبب الضحك والبكاء من السرور والحزن عن عطا والجبائي وقيل اضحك أهل الجنة في الجنة وأبكى أهل النار في النار عن مجاهد والضحاك وفيه أيضا وقيل اضحك الأشجار بالأوراق وأبكى السحاب بالأمطار واضحك المطيع بالرحمة وأبكى العاصي بالسخط انتهى والقول الأخير بناؤه على ما ذكرنا من كون الموضوع له هو المعنى العام ثم إن سبب الضحك ان الانسان يدرك صورة مستحسنة وشيئا لذيذا فيتحرك الروح البخاري والدم الذي هو مركبه إلى الخارج وينبسطان فيتمدد لذلك أعصاب الصدر والوجه وينفتح منافذ هما ويتسع أفضيتهما فيحدث شكل الضحك في الوجه والفم وكلما كان الروح أو فرو كانا اقبل للانبساط كان السرور والضحك أكثر وسبب البكاء انه إذا حدث به حالة مضادة لشهوته وطبيعته وأدرك الامر الغير الملايم له تحرك الروح إلى الباطن هربا من الموذي فيتمدد الأعصاب نحو الباطن ويضيق أفضية الدماغ والعصبتين والصدر وينعصر منافذها ويحدث شكل البكاء ويخرج حينئذ بالضرورة ما في الدماغ من الرطوبات الرقيقة بالدمع والمخاط كما يخرج الماء من الإسفنجة المغموسة فيه عند غمر اليد عليها وسبب حصول تلك الرطوبات هو ان الألم الموجب للبكاء يسخن القلب لتوجه الدم والروح إليه ويرتفع منه ومن نواحيه حينئذ أبخرة حارة إلى الدماغ تذيب الرطوبات التي فيه وترققها وتسيلها ثم تبرد هي بنفسها وتغلظ حين وقوفها فيه فتصير رطوبات ولا تنفذ لغلظها في (الماينخسين) أعني حجابي الدماغ الرقيق المجاور له والغليظ المجاور للقحف ويسميان أمي الدماغ ولأنها تصعد دفعة وهي كثيرة والأمان لصفاقتهما لا يتحلل شئ فيهما الا في زمان طويل فيدفعها الدماغ بالعصر إلى جهة العين لاتصال الأمين بها فتخرج من الدروز التي عند الحاجب ويكون حارة لبقية الحرارة الحادثة له بالغليان في القلب وكلما ان الموجب أقوى كان الدمع أحر يا من أمات وأحيى أي إماتة بالموت الطبيعي بخراب البدن ونفخة الفزع ونفخة الصعق واحياء بحيوة طبيعية نفسية أو عقلية أو لاهوتية وإماتة بالموت الاختياري الذي هو قمع هوى النفس وقتلها وقلع شهواتها كما في الحديث موتوا قبل ان تموتوا وحاسبوا أنفسكم قبل ان تحاسبوا وقال الإمام جعفر ابن محمد الصادق عليهما السلام الموت هو التوبة قال الله تعالى فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم

পৃষ্ঠা ১৪৮