أما قوله ﷺ: "والصبر ضياء" فمعناه: الصبر المحبوب في الشرع وهو الصبر على طاعة الله تعالى والصبر على معصيته والصبر أيضًا على النائبات وأنواع المكاره في الدنيا والمراد أن الصبر محمود لا يزال صاحبه مستضيئًا به مهتديًا مستمرًا على الصواب. قال إبراهيم الخواص: الصبر هو الثبات على الكتاب والسنة. وقيل: الصبر هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب. وقال أبو علي الدقاق ﵀: الصبر: أن لا يعترض على المقدور. فأما إظهار البلاء على وجه الشكوى فلا ينافي الصبر قال الله تعالى في حق أيوب ﵇: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ﴾ ١ مع أنه قال: ﴿أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ ٢. والله أعلم.
وأما قوله ﷺ: "والقرآن حجة لك أو عليك" فمعناه ظاهر أي تنتفع به إن تلوته وعملت به، وإلا فهو حجة عليك.
وقوله: "كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها" معناه: أن كل إنسان يسعى لنفسه فمنهم من يبيعها لله بطاعته له فيعتقها من العذاب كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ﴾ ٣. ومن يبيعها للشيطان والهوى باتباعها فيوبقها أي يهلكها. اللهم وفّقنا للعمل بطاعتك وجنبنا أن نوبق أنفسنا بمخالفتك.
_________
١ سورة ص: الآية ٤٤.
٢ سورة الأنبياء: الآية ٨٣.
٣ سورة التوبة: الآية ١١١.
1 / 86