سنة لقوتلوا عليها حتى يرجعوا. ولقد كان صدر الصحابة ﵃ ومن بعدهم يثابرون على فعل السنن والفضائل مثابرتهم على الفرائض ولم يكونوا يفرّقون بينهما في اغتنام ثوابها.
وإنما احتاج أئمة الفقهاء إلى ذكر الفرق لما يترتب عليه من وجوب الإعادة وتركها وخوف العقاب على الترك ونفيه إن حصل ترك بوجه ما. وإنما ترك النبي ﷺ تنبيهه على السنن والفضائل تسهيلًا وتيسيرًا لقرب عهده بالإسلام لئلا يكون الإكثار من ذلك تنفيرًا، له وعلم أنه إذا تمكن في الإسلام وشرح الله صدره رغب فيما رغب فيه غيره أو لئلاَ يعتقد أن السنن والتطوعات واجبة فتركه لذلك.
وكذلك في الحديث الآخر: أن رجلا سأل النبي ﷺ عن الصلاة فأخبر أنها خمس، فقال: هل علي غيرها؟ قال: "لا إلا أن تطوع"، ثم سأله عن الصوم والحج والشرائع فأجابه. ثم قال في آخر ذلك: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه. فقال: "أفلح إن صدق". وفي رواية: "إن تمسك بما أمر به دخل الجنة" ١.
وإنما شرعت لتتميم الفرائض فهذا السائل والذي قبله إنما تركهما النبي ﷺ تسهيلًا عليهما إلى أن تنشرح صدورهما بالفهم عنه، والحرص على تحصيل المندوبات فيسهل عليهما.
وهذا يسمى بمحافظته على فرائضه وإقامتها والإتيان بها في أوقاتها من غير إخلال بها - فلاحًا كثير الفلاح والنجاح - وليتنا وفقنا - كذلك ومن أتى بالفرائض وأتبعها النوافل كان أكثر فلاحًا منه.
_________
١ رواه مسلم في الإيمان باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة رقم ١٥.
1 / 83