منها ما يعلم الإنسان أنه حرام ثم يشك فيه هل زال تحريمه أم لا، كالذى يحرم على المرء أكله قبل الذكاة إذا شك في ذكاته لم يزل التحريم إلا بيقين الذكاة والأصل في ذلك حديث عدي المتقدم ذكره.
وعكس ذلك أن يكون الشيء حلالًا١ فيشك في تحريمه كرجل له زوجة فشك في طلاقها أو أمة فيشك في عتقها. فما كان من هذا القسم فهو على الإباحة حتى يعلم تحريمه والأصل في هذا الحديث عبد الله بن زيد فيمن شك في الحدث بعد أن تيقن الطهارة٢.
القسم الثالث: أن يشك في شيء فلا يدري أحلال أم حرام ويحتمل الأمرين جميعًا ولا دلالة على أحدهما فالأحسن التنزه كما فعل النبي ﷺ في التمرة الساقطة حين وجدها في بيته فقال: "لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها" ٣.
وأما إن جوز نقيض ما ترجح عنده بأمر موهوم لا أصل له كترك استعمال ماء باق على أوصافه مخافة تقدير نجاسة وقعت فيه أو كترك الصلاة في موضع لا أثر فيه مخافة أن يكون فيه بول قد جف أو كغسل ثوب مخافة إصابة نجاسة لم يشاهدها ونحو ذلك فهذا يجب أن لا يلتفت إليه فإن التوقف لأجل التجويز هوس والورع منه وسوسة شيطان إذ ليس فيه من معنى الشبهة شيء والله أعلم.
_________
١ هذا ثاني الأقسام الثلاثة في المشتبهات، فلينتبه.
٢ والحديث هو: شكى إلى النبيّ ﷺ الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا".
رواه البخاري في الوضوء باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن حديث رقم ١٣٧.
ورواه أيضًا الإمام مسلم وأبو داود والنسائي.
٣ رواه البخاري في البيوع باب التنزه ع الشبهات حديث رقم ٢٠٥٥ ونص الحديث: مرّ النبيّ بتمرةٍ مسقوطةٍ فقال: "لولا أن تكون صدقة لأكلتها".
1 / 46