الصلاة ... " إلى آخره ثم فسر الإيمان بقوله: "أن تؤمن بالله تعالى وملائكته ... " إلى آخره، قال ﵀: هذا بيان أصل الإيمان، وهو التصديق الباطن، وبيان أصل الإسلام وهو الاستسلام والانقياد الظاهر وحكم الإسلام في الظاهر ثبت في الشهادتين، وإنما أضاف إليها الصلاة والزكاة والصوم والحج، لكونها أظهر شعائر الإسلام وأعظمها. وبقيامه بها يصح إسلامه.
ثم إن اسم الإيمان يتناول ما فسر به الإسلام في هذا الحديث وسائر الطاعات لكونها ثمرات التصديق الباطن الذي هو أصل الإيمان ولهذا لا يقع اسم المؤمن المطلق على من ارتكب كبيرة أو ترك فريضة لأن اسم الشيء مطلقا يقع على الكامل منه ولا يستعمل في الناقص ظاهرا إلا بنية وكذلك جاز إطلاق نفيه عنه في قوله ﷺ: " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن" ١.
واسم الإسلام يتناول أيضًا ما هو أصل الإيمان وهو التصديق الباطن ويتناول أصل الطاعات فإن ذلك كله استسلام قال: فخرج بما ذكرناه أن الإيمان والإسلام يجتمعان ويفترقان وأن كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا وقال: فهذا التحقيق واف بالتوفيق ونصوص الكتابة والسنة الواردة في الإيمان والإسلام التي طالما غلط فيها الخائضون وما حققناه من ذلك موافق لمذهب جماهير العلماء من أهل الحديث وغيرهم والله أعلم.
_________
١ رواه البخاري في المظالم باب النهبى بغير إذن صاحبه رقم ٢٤٧٥.
قال ابن عباس في تفسيره: "ينزع منه الإيمان، لأن الإيمان نَزِهٌ، فإذا أذنب العبد فارقه، فإذا نزع عاد إليه هكذا –وشبك بين أصابعه، ثم فرّقها-".
1 / 34