شرح الورقات في أصول الفقه - الددو
شرح الورقات في أصول الفقه - الددو
জনগুলি
حكمة النسخ
وللنسخ حكم منها: التدرج في التشريع، فإن الشارع الحكيم يراعي مصالح عباده، فلو أنزل الأحكام بَاتَّةً على الوجه الذي تستقر عليه، دون تدرج ومرور بتلك المراحل، لكان ذلك أدعى لعدم الاستجابة، فكان من لطفه وحكمته أن ينزل الأحكام متدرجة، وأن يحصل فيها النسخ.
وهذا النوع من النسخ من خصائص هذه الشريعة المحمدية، فالشرائع قبلها كانت تُنَزَّل دفعة واحدة، وتُفسخ دفعة واحدة، فقد آتى الله موسى التوراةَ مكتوبة في الألواح، وأنزل الصحف على إبراهيم، وأنزل الإنجيل على عيسى مكتوبًا في الصحف، وأنزل الزبور على داود مكتوبًا في الصحف، ولهذا استنكر المشركون تدرج نزول القرآن، فرد الله عليهم بقوله: ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا﴾ [الإسراء:١٠٦]، وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا * وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان:٣٢-٣٣] .
4 / 16