شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - عبد الكريم الخضير
شرح التجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح - عبد الكريم الخضير
জনগুলি
"وكان امرئً قد -ترك عبادة الأوثان- وتنصر في الجاهلية" أي اعتنق النصرانية قبل بعثة النبي ﷺ، وذلك أنه خرج هو وزيد بن عمرو ابن نفيل لما كره طريق الجاهلية إلى الشام وغيرها يسألان عن الدين، فأعجب ورقة النصرانية للقيه من لم يبدل شريعة عيسى ﵊؛ لأنه لقي من النصارى من لم يبدل فأعجب بدينهم، وأما زيد بن عمرو بن نفيل فذكر البخاري في صحيحه في كتاب المناقب عن ابن عمر أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين، فلقي عالمًا من اليهود، فسأله عن دينهم، فقال: إني لعلي أن أدين بدينكم، فأخبرني، فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله، قال: زيد ما أفر إلا من غضب الله، ولا أحمل من غضب الله شيئًا أبدًا، وأنَّى أستطيعه؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن تكون حنيفًا، قال زيد: وما الحنيف؟ قال: دينُ إبراهيم لم يكن يهوديًا ولا نصرانيًا ولا يعبد إلا الله، فخرج زيدٌ فلقي عالمًا من النصارى فذكر مثله، فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله، قال: ما أفر إلا من لعنة الله، ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئًا أبدًا، وأنَّى أستطيع ذلك؟ فهل تدلني على غيره؟ قال: ما أعلمه إلا أن تكون حنيفًا، قال: وما الحنيف؟ قال: دين إبراهيم لم يكن يهوديًا ولا نصرانيًا، ولا يعبد إلا الله، فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم ﵇ خرج فلما برز رفع يديه فقال: اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم. وفيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت: رأيتُ زيد بن عمرو بن نفيل قائمًا مسندًا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش، والله ما منكم على دين إبراهيم غيري.
"وكان -ورقة أيضًا- يكتب الكتاب العبراني" أي الكتابة العبرانية، وفي روايةٍ في الصحيحين: "الكتاب العربي" "فيكتب من الإنجيل -بالعبرانية- ما شاء الله أن يكتب" والعبرانية بكسر العين فيهما نسبة إلى العِبر بكسر العين وإسكان الموحدة، وزيدت الألف والنون في النسبة على غير قياس، قيل: سميت بذلك لأن الخليل ﵇ تكلم بها لما عبر الفرات فارًا من نمرود، وقيل: إن التوراة عبرانية والإنجيل سرياني، وكتابته الإنجيل باللغة العبرانية لتمكنه في دين النصارى، ومعرفته بكتابهم، وصحح ابن حجر كونه يكتب بالعبرانية والعربية؛ لأن ورقة تعلم اللسان العبراني والكتابة العبرانية، فكان يكتب الكتاب العبراني كما كان يكتب الكتاب العربي.
3 / 37