============================================================
المرصد الخامس - المقصد الثالث : النظر الصحيح عند الجمهور المتماثلات تختلف بالعوارض، فإذا حصل النظر الصحيح في القطعيات، البديهة أن اللازم هناك علم لا جهل يخالفه في بعض عوارضه. الطائفة (الثانية) من المنكرين (المهندسون قالوا: إنه) أي النظر (يفيد العلم في الهندسيات) والحسابيات لأنها علوم قريبة من الأفهام متسقة منتظمة لا يقع فيها غلط (دون الإلهيات) فإنها بعيدة عن الأذهان جدا (والغاية) القصوى (فيها الظن والأخذ بالأحرى والأخلق) بذاته تعالى وصفاته وأفعاله (واحتجوا) على ذلك (بوجهين الأول الحقائق الإلهية) من ذاته وصفاته (لا تتصون) لا بالضرررة وهو ظاهر ولا بالنظر إما لأنه لا شيء من التصورات النظر الصحيح العلم بالمطابقة حصل التمييز بينهما من غير فرق بين القول بالتماثل، وعدمه بدخول المطابقة وعدمها في ماهيتها وخروجها عنهما.
قوله: (قريبة من الأفهام) أي تنساق إليها بلا كلفة لكون مباديها الأول أولية من حيث ذاتها ومن حيث مناسبتها للطالب: قوله: (متسقة متظمة) في القاموس اتسق انتظم، ونظم اللؤلؤ نظما ألفه، وجمعه فانتظم يعني أن تلك المسائل ظاهر تناسب بعضها مع بعض لا يكاد يقع الغلط فيها من هذه الجهة، إذا لت بضها مبادي لبعض قوله: (لا يقع فيها غلط) لكون المبادئ الأول أولية الذات، والمناسية والمبادي الثواني قطعية الذات بديهية المناسية مترتبة، وقد رتب ترتبا ضروري الاستلزام، فلا يقع الغلط فيها لا من حيث المادة ولا من حيث الصورة.
قوله: (بعيدة عن الأفهان إلخ) تنساق إليها بكلفة ومشقة لاحتياجها إلى غاية التجرد عما ألفه الحس والوهم.
قول: (لا تتصور) أى يمتنع تصورها بالكنه كما يرشد إليه الدليل، والجواب فلا يرد أن الحكم بعدم التصور يستدعى التصور ففيه تناقض قول: (الثانية المهندسون) قيل: مآل الخلاف بيننا وبينهم إلى وجود النظر في القطعيات في الإلهيات عندنا، وعدمه عندهم وحمل إنكارهم على الاعتراف بوجوده في الإلهيات قطعا مع تخلف العلم عنه فيها بعيد جدا: قوله: (لا تتصور لا بالضرورة) هذا إما إلزامي او حكم ظني عندهم، وإلا فقد أفاد النظر العلم في الإلهيات بعدم تصور الحقائق الإلهية، وفيه ان الحكم بعدم تصورها يستدعي تصورها، فيتناقض إلا أن يدعي كفاية التصور بالوجه في الظني دون اليقيني، كما سيجيء وأيضا قوله: إما لأنه لا شيء من التصورات بنظري لو تم لدل على عدم إفادة النظر العلم مطلقا سيما في البسائط، مع أنهم قائلون بإفادته في غير ما ذكر، اللهم إلا أن يقال: إنهم قائلون بإفادته في غير الإلهيات على أن القضية مهملة صادقة في بعض المواد، وهو ما يكون تصور الأطراف ضروريا وبعدم إفادته فيها بمعنى السلب الكلي
পৃষ্ঠা ২৪২