============================================================
المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية منه الاطلاع على حقيقة الحال في هذه المغالط، أو إزالة ما عسى يشوش النفس من الدغدغة وزيادة اطمئنانها في سائر المحسوسات، لا إثبات الأحكام الحسية بدليل كما صرح به ناقد المحصل حيث قال: ونحن لم نثبت الوثوق بالمحسوسات بدليل بل نقول: العقل الصريح يقتضيه، ثم قال: واما قوله انتفاء السبب الواحد لا يوجب انتفاء الحكم، قلنا نعم لو أثبتنا صحة الحكم بثبوت المحسوسات في الخارج يدليل لكان الأمر على ما ذكره، لكنا لم نثبت ذلك إلا بشهادة العقل من غير رجوعه إلى دليل، فليس علينا أن نجيب عن هذه الإشكالات فإن احتمال عدم الصحة فيما يشاهده الأصحاء مندفع عند بداهة العقل من غير تأمل في الأسباب، وحصرها وانتفائها وبيان امتناع حصول المسبب عند انتفاء الأسباب، وغير ذلك مما يثبت بالنظر الدقيق أو الجلي، فظهر أنه لا تشتيع على ذلك الناقد ومن تابعه. الوجه (الرابع) وهو الدال على غلط الحس في الجزثيات التي نظنها محسوسة، وليست بمحسوسة حقيقة (أنا نرى الشلج في غاية البياض مع أنه ليس بأبيض) أصلا (فإنا إذا تاملنا علمنا أنه مركب من أجزاء شفافة) لا لون لها، وهي الأجزاء المائية الرشية قوله: (وليست بمحسوسة حقيقة) بل المحوس حقيقة ما يشبهه ووجه الضبط في الوجوه الأربعة، آن سبب الغلط، إما أمر في الحاسة كضيق الزاوية وسعتها والانحراف والاشتغال بشيء آخر، وعدم تبدل الوضع وهو الوجه الأول، وفي الحاس وهو الوجه الثالث، وفي المحسوس عرفت حال فلا نسلم أن البياض ليس بموجود.
خفي كما في بياض الشلج مثلا بخلاف البديهي العقلي نحو الأربعة زوج، فإن العقل لا يجد فيه احتمالا للفردية.
قوله: (الرابع أنا نرى الثلج في غاية البياض) فيه بحث لأنه من اشتباه الضوء المتعكس باللون، وكلاهما مبصران بالذات، فظاهره من قبيل السراب، وقد عد في الوجه الأول اللهم إلا أن يقال: فرق بين الوجه الرابع والوجه الأول، بأن الأول دال على غلط يعرفه الغالط حال الغلط، بخلاف الرابع فإنه لا يعرف الغالط فيه غلطه إلا بعد التامل، والإمعان، ولهذا لا يعرفه العوام، وبهذا الاعتبار افرز الرابع عن الأول، وأما قوله نظنها محسوسة وليست بمحسوسة، فباعتبار آن اللون ليس محسوسا فيما ذكر من الصور مع أن الغالط يظن أن فيه لونا محسوسا، فلا محذور فيه أيضا فتامل.
পৃষ্ঠা ১৫০