شرح الاقتصاد في الاعتقاد - الراجحي
شرح الاقتصاد في الاعتقاد - الراجحي
জনগুলি
دلالة حديث (كانت زينب تقول زوجني الله من فوق سبع سماوات) على إثبات العلو
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وروى أنس بن مالك ﵁ قال: كانت زينب بنت جحش تفخر على أزواج النبي ﷺ تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله من فوق سبع سماوات.
رواه البخاري].
هذا هو الدليل الثامن، وقد استدل به المؤلف على أن الله في العلو، وأنه فوق المخلوقات فوق السماوات السبع، فكانت زينب بنت جحش تفخر على أزواج النبي ﷺ وتقول: زوجكن أهليكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات.
والشاهد قولها: (من فوق سبع سماوات)، ففيه إثبات أن الله فوق السبع السماوات وذلك أن زينب بنت جحش ﵂ تزوجت زيد بن حارثة أولًا ثم طلقها زيد ﵁، ثم بعد ذلك خطبها النبي ﷺ، وأرسل إليها من يخطبها له، فزوجه الله من فوق سبع سماوات، فدخل عليها بدون ولي وبدون مهر؛ لأن الله أنزل: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب:٣٧] وهذا التزويج كان من فوق سبع سماوات، قال الله: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ﴾ [الأحزاب:٣٧] وذلك أنه كان عندهم في الجاهلية وفي أول الإسلام جواز التبني، أي: أن الإنسان الذي ليس عنده أولاد يتبنى له ولدًا، فيأتي بولد وينسبه إلى نفسه، ويكون ابنًا له ولو لم يكن من صلبه، فنهى الله عن ذلك وقال: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب:٥]، ومن المعلوم أن الإنسان لا يتزوج زوجة ابنه، وزيد بن حارثة تبناه النبي ﷺ في الجاهلية، وكان يُدعى بـ زيد بن محمد، فالله تعالى هدم التبني وأبطله قولًا وفعلًا، بالقول وذلك عندما قال: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [الأحزاب:٥]، وبالفعل وذلك عندما أمر نبيه أن يتزوج زوجة ابنه بالتبني؛ حتى يهدم التبني ويعلن بطلانه، وأن الابن المتبنى ليس كابن الصلب، فابن الصلب لا يتزوج أبوه زوجته، لكن الابن الدعي ليس ابنًا من صلبك، فيجوز لك أن تتزوج زوجته؛ ولهذا أمر الله نبيه أن يتزوج زوجته بعد طلاقها هدمًا للتبني وأنزل: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا﴾ [الأحزاب:٣٧]، فدخل عليها النبي ﷺ بدون مهر وبدون ولي وزوجه الله من فوق سبع سماوات، فكانت زينب تفخر على أزواج النبي ﷺ وتقول لإحداهن: أنتِ زوجكِ أبوكِ، وأنا زوجني الله من فوق سبع سماوات، وهذا فخر، وأي فخر!
3 / 6