شرح البيقونية - أسامة سليمان
شرح البيقونية - أسامة سليمان
জনগুলি
مسألة: قيام ليلة رأس السنة في جماعة
الحمد لله رب العالمين، شرع لنا دينًا قويمًا، وهدانا صراطًا مستقيمًا، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فقد وصل إلينا بحث من أستاذنا الشيخ العلاّمة فضيلة الدكتور: محمد عبد المقصود حفظه الله تعالى، والخاص بجواز قيام ليلة رأس السنة في جماعة، وكما علمت أيضًا من أستاذي فضيلة الشيخ الدكتور: جمال المركبي: أن السؤال وجه له هنا، ومن عادتنا أننا دائمًا نوجه السؤال الواحد لأكثر من شيخ؛ لعلنا نجد عند البعض اختلافًا ونأخذ هذا الاختلاف ونروجه، وهذه مصيبة كبيرة وأمر لا ينبغي أن يكون دأب طالب العلم أبدًا؛ لأنه لا بأس من الاختلاف في الرأي كما يقول العلماء، والعلماء اختلفوا كثيرًا، لكن المشكلة أن نبحث عن نقاط الخلاف ثم تروجها، وهذا لا نريده في هذا المسجد؛ لأنه يقوم على منهج السنة في طلب العلم.
وكان ينبغي علينا في الحقيقة قبل أن نبدأ في دراسة الفقه وأصول الفقه والعقيدة وقراءة البخاري وعلوم القرآن: أن ندرس كتاب حلية طالب العلم للدكتور: بكر أبو زيد؛ لأن معنى غياب آداب الطلب: الفوضى في طلب العلم، وهناك آداب للطالب في نفسه، وآداب للطالب مع شيخه، وآداب للطلب في سبعة فصول، وقد أبدع الدكتور: بكر ﵀، وقام العلامة فضيلة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين بشرح هذه الحلية في مجلد، فأقول: نصيحة لإخواني ولنفسي من قبلهم: أن نحفظ هذه الحلية حفظًا؛ لأن فيها آداب طلب العلم مع الشيخ، وفي الطلب أيضًا.
أما البحث الذي بين يدي الآن من أستاذنا فضيلة الشيخ: محمد عبد المقصود حفظه الله، فقد قرأته أكثر من مرة، والحقيقة أنه بحث طيب في المسألة، وحبنا للشيخ شديد، لكن مسألة قيام ليلة رأس السنة في جماعة موضوع يحتاج إلى بحث، وقد أخبرني الأخ الشيخ: طارق إبراهيم حفظه الله أنهم أرسلوا البحث إلى اللجنة الدائمة لينظروا في هذا الكلام، هل يؤخذ على إطلاقه أم يحتاج إلى مراجعة؟ والبحث فيه كلام طيب لا شك في ذلك، ووجودك في المسجد في ليلة رأس السنة مهم، ولا نختلف في هذا، بل لا نختلف أن أهل الباطل يوجدون في المسارح والملاهي ونحن نوجد في المسجد، لكن الخلاف في إقامة جماعة، فلو صلينا فرادى فلا بأس، لكن المشكلة أن نجمع الناس على إمام واحد بعد رمضان، فهذا هو مناط النزاع، ولا نزاع إن شاء الله، فشيخنا العلامة حفظه الله نحن تلامذته، لكننا نقول: في أول الأمر أقر الشيخ حفظه الله أن إقامة هذه الليلة من السنة، نعم ونحن نقر أن إقامتها من السنة في بيتك أو في المسجد، ولا شك في هذا، لكن المشكلة التي نريد أن نحققها هي مسألة جمع الناس على إمام واحد كما فعلها عمر ﵁ في صلاة القيام في رمضان، فقد جمعهم على إمام واحد وهو سيدنا أبي بن كعب؛ لأن النبي ﷺ فعلها، فقد صلى بهم في أول ليلة وثاني ليلة، وبالتالي فهذه المسألة لها أصل، وفي البخاري من حديث ابن عباس ﵄ أنه قال: بت عند خالتي ميمونة فقام النبي ﷺ ليصلي بالليل، يقول ابن عباس: فقمت أصلي خلفه، فوقفت عن يساره متأخرًا، فجذبني النبي وجعلني عن يمينه، قال ابن حجر معلقًا: وعلماؤنا يقولون: وفي هذا جواز القيام جماعة.
لكن هل ابن عباس قد أخبر النبي أنه سيصلي خلفه؟ وهل دعاه النبي ﵊ للصلاة؟ فإن كنت تصلي بمفردك -وهذا ما أقرّه الشيخ حفظه الله في أول بحثه- في قيام هذه الليلة وجاء واحد، ثم وقف خلفك دون ترتيب مسبق ودون دعوة مسبقة، فهذا هو الذي عليه أهل العلم؛ لأن معاذًا صلى خلف النبي ﵊ وهذا أيضًا دون ترتيب مسبق، أما كوننا نواجه هذا الأمر الآن في بعض مساجدنا، كما يحصل الآن أن بعض الجماعات المنسوبة إلى العمل الإسلامي في المساجد تدعو الناس لصلاة القيام في كل ليلة جمعة بعد العشاء، فيقوم أحدهم ويقول: إن شاء الله سنصلي ركعتين بعد العشاء في جماعة، فهذه مسألة خطيرة جدًا، أي: أن نعقد جماعة على إمام واحد في ليلة معينة.
نعم لشيخنا وجه في جواز إحياء هذه الليلة بالطاعة، وهو أنه مخالفة لأهل المعصية، فإن كان أهل المعصية يرقصون فنحن نصلي لربنا ﷿، فلنفتح أبواب المسجد، ولنصلي ولنقرأ القرآن، ولنجتمع في المسجد على الذكر والطاعة، لكن المشكلة في أن نجتمع على إمام واحد.
فالمسألة هذه تحتاج إلى تحقيق، وسوف ننتظر بإذن الله رد اللجنة الدائمة، ورد فضيلة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي الديار السعودية حفظه الله تعالى.
ولا نريد للمسألة أن تتسع أكثر من هذا؛ لأن البعض يروج الآن ويسأل ويتصل: ماذا سنفعل
4 / 2