شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح
شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح
জনগুলি
من أوصاف خطاب الله كمال العلم والصدق والنصح
قال ﵀: (فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلًا، وأحسن حديثًا) هذه جملة تعليلة علل بها المؤلف ﵀ القواعد المتقدمة من قواعد الأسماء والصفات، وأنه لا نثبت لله إلا ما أثبته لنفسه، ولا نثبت لله جل وعلا إلا ما أثبته له رسوله ﷺ، وهذا الإثبات لما تضمنه الكتاب ولما تضمنته السنة من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، لماذا؟ لأنه قال: (فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره) فهذا إثبات كمال علمه ﷾، ولا ريب أن المخبر إذا اتصف بهذه الصفة كان ذلك من أسباب قبول خبره والوقوف عنده.
ثاني ما اتصف به ﷾: أنه أصدق قيلًا، فقوله: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلًا﴾ [النساء:١٢٢] أي: لا أصدق من الله قولًا، فإذا كان قوله صدقًا، ومن لوازم الصدق النصح؛ لأن النصح فرع عن الصدق، فمن كان صادقًا كان ناصحًا، فتميز الخطاب أيضًا بخصيصة وميزة عظيمة وهي: الصدق والنصح، فاجتمع لنا الآن في خطاب الله ﷿ ثلاثة أوصاف: كمال العلم، وكمال الصدق، وكمال النصح.
ثم قال: (وأحسن حديثًا من خلقه) فحديثه أحسن الأحاديث: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا﴾ [الزمر:٢٣]، فالله جل وعلا أنزل على هذه الأمة أحسن الأحاديث، فخطاب توافرت فيه هذه الصفات من أين يرد عليه الوهم؟! ومن أين يتطرق إليه الخلل؟! علم وصدق ونصح وبلاغة وفصاحة لا تجارى، ولا يبلغ حدها، بل هي قد بلغت الغاية في الحسن والبيان، فلا سبيل إلى عدم قبول ما تضمنه الكتاب من الأخبار والأحكام، قال الله جل وعلا: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا﴾ [الأنعام:١١٥] فهي تامة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، ومن ادعى بتأويل أو تحريف أن النص يدل على خلاف ما ظهر منه وتبادر، دون مرجح؛ فإنه قد اتهم خطاب الله ﷿ إما بنقص العلم أو بنقص الصدق، أو بنقص النصح، أو بعدم البيان والفصاحة، وهذه أوصاف اضبطها، فإنها أوصاف تميز بها كتاب الله وسنة رسوله ﷺ الصحيحة الثابتة؛ ولهذا لا عدول لأهل السنة والجماعة عما تضمنه الكتاب والسنة.
3 / 4