شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح

খালেদ আল-মুসলেহ d. Unknown
110

شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح

شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح

জনগুলি

إثبات صفة الكلام لله ﷿ قال المؤلف ﵀: [وقوله ﷺ: (يقول تعالى: يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك، فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا إلى النار) متفق عليه. وقوله ﷺ: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان)] . هذان الحديثان من جملة ما مثل به المؤلف ﵀ لأحاديث الصفات الواردة في سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهما يفيدان إثبات صفة الكلام للرب جل وعلا، وصفة الكلام صفة ذاتية فعلية كما تقدم، وهي: صفة يثبتها أهل السنة والجماعة بالكتاب والسنة والإجماع والعقل، وهي: صفة ثابتة لله ﷿ في جميع الشرائع؛ ولذلك التحريف فيها وإنكارها مما يقدح في الإيمان بالرسل؛ لأن جميع الأنبياء أخبروا بذلك، وهم مجمعون على أن الله ﷾ يتكلم بحرف وصوت، كما سيأتي بيانه. والحديث الأول: فيه قول النبي ﷺ: (يقول الله تعالى) والقول يدل على اتصافه ﷾ بالكلام، وهذا النوع من الأحاديث يسمى بـ (الحديث القدسي)، وهذا التعبير هو المشهور، وهو الاصطلاح المعروف عند كثير من أهل العلم، فالأحاديث المصدرة بقوله: قال الله تعالى، أو التي فيها: قال الله تعالى هي أحاديث قدسية، وشيخ الإسلام ﵀ يسميها (الأحاديث الإلهية)، والفرق بين الحديث الإلهي والحديث النبوي أن الحديث الإلهي فيه خبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ربه، فهو خبر عن الله. وقد قال جمهور المحدثين: إن الحديث الإلهي -الحديث القدسي- لفظه من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومعناه من الله، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ أن الحديث الإلهي لفظه ومعناه من الله، وهذا القول قوي، وهو الذي يستفاد من ظواهر الأحاديث، فإن نسبة القول إلى الله هي نسبة لفظ ومعنى، ولكن يفارق الحديث الإلهي -الحديث القدسي- القرآن أن لفظه ليس بمعجز، وأنه لا يتعبد بقراءته، فليس كل حرف فيه بعشر حسنات كما ورد ذلك في القرآن، وأنه لا يشترط في مسه الطهارة لا الصغرى ولا الكبرى، فلو أن كتابًا تضمن الأحاديث الإلهية -الأحاديث القدسية- فلا يشترط للمسه ومطالعته أن يكون الإنسان على طهارة، هذا هو الصحيح، وبهذا يتميز الحديث الإلهي -الحديث القدسي- عن القرآن فيقال: إن لفظه ومعناه من الله جل وعلا هذا الأصل، وأن ما يثبت للمصحف من أحكام فهو غير ثابت للحديث الإلهي. فقول النبي ﷺ: (يقول الله تعالى) هذا فيه إثبات أن الله جل وعلا يتكلم؛ لأن القول الأصل فيه لا يكون إلا على ما ظهر وتبين من اللفظ، وأما ما يدور في الخاطر فإنه قد يصح أن يقال: إنه قول، لكن لابد من تقييده. فلا يرد القول مطلقًا ويراد به حديث النفس، وإنما إذا أريد بالقول ما يدور في الخاطر وما يجول في الضمير والقلب فلابد من تقييده، فيقال: قول القلب أو قول النفس أو قالت نفسي، أما إذا ورد القول مطلقًا فإنه لا ينصرف إلا على القول الذي يتبين ويظهر بحرف وصوت. قوله: (يقول الله تعالى: يا آدم!) هذا فيه خطاب لأبي البشر آدم ﵇، وآدم إنما يعقل كلامًا بحرف وصوت، وليس المراد كلامًا معنويًا كما تقول الأشاعرة ومثبتة الصفات. (فيقول -أي: آدم ﵇: لبيك وسعديك) . (لبيك وسعديك) هذان مصدران لا مفرد لهما من لفظيهما، ومعنى (لبيك) أي: أقمت على طاعتك وإجابتك، إقامة بعد إقامة، وإجابة بعد إجابة، والتثنية للتكثيف، كقوله تعالى: ﴿ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ﴾ [الملك:٤]، فإن التثنية في كلام العرب ترد ويراد بها مطلق التكثيف لا العدد نفسه. وكذلك (سعديك) معناها: إسعاد بعد إسعاد، يعني: إعانة بعد إعانة، فهو يطلب من الله ﷿ العون والإسعاد على ما هو بصدده. (فينادي -والمنادي هو الله جل وعلا- بصوت)، وهذا لفظ نبوي فيه إثبات النداء بصوت، وقوله: (بصوت) هذا تأكيد للنداء، وإلا فإن أهل اللغة مجمعون على أنه لا يكون نداء إلا بصوت رفيع؛ ولذلك لا حاجة إلى أن نقول: الذي يدل على إثبات الصوت هو قوله: (بصوت) ولا شك أنه إثبات ومستند، ولكن نقول: لو لم يرد إلا النداء مستقلًا لأفاد إثبات الصوت لكلامه ﷾، وقد ورد النداء في القرآن في أكثر من عشرين موضعًا كما تقدم في الآيات. (فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا إلى النار) قد يقول قائل: إن المنادي هنا غير الله بقرينة قوله: (إن الله يأمرك) ولكن هذا مصروف ومردود بأن يقال: إن ذكر لفظ الجلالة وذكر اسم الله ﷾ في الأمر يكون لتأكيد الأمر ولزومه وإثباته. (فينادي -الفعل مضاف إلى الله ﷿ لأنه لم يذكر غيره في السياق- بصوت: إن الله يأمرك) تأكيدًا للأمر، فذكر لفظ الجلالة -اسم الله ﷾ في ثنايا الأمر تأكيدًا له وإلزامًا به. (إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا إلى النار) -نعوذ بالله منها- وهذا يثبت هذه الصفة لله ﷿ في موضعين: الأول: في قوله: (يقول الله تعالى) . والثاني: في قوله: (فينادي بصوت) . قال: (وقوله: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه» . (ما) نافية تفيد العموم، والكاف في قوله: (منكم) كاف الخطاب، فمن المخاطب؟ قيل: المخاطب هم أهل الإسلام؛ لأن النبي ﷺ يخاطب الصحابة. وقيل: إن المخاطب هو جنس الإنسان، فكلٌ سيكلمه الله ﷾ من كافر ومسلم: (ما منكم من أحد) وأكد العموم بـ (من) التي هي نص في العموم: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه)، والكلام إنما يفهم ويعرف باللفظ، فليس الكلام هنا كلامًا معنويًا كما تقول الأشاعرة، إنما هو كلام بحرف وصوت، وهذا الكلام قد وقِّت بظرف وهو يوم البعث، فدل ذلك على أنه كلام متعلق بمشيئته وإرادته. وهذا يدل على أن صفة الكلام صفة ذاتية فعلية، فهي ذاتية باعتبار أصل اتصاف الله ﷿ بهذه الصفة، فإنه لم يزل ولا يزال متصفًا بهذه الصفة، وفعلية باعتبار أفراد ما يتكلم به جل وعلا، فتكليمه للعباد يوم البعث متعلق بمشيئته، وهذا دليل على أن الكلام صفة فعلية، كما أنه صفة ذاتية له ﷾. قوله: (سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان) الترجمان هو: المفسر، أي: ليس بينه وبين الله ﷿ مفسر يبين الكلام ويوضحه، وهذا النفي فائدته تحقق التكليف، وأنه من الله مباشرة، ليس هناك بينه وبينه وسيط، هذا فائدة التأكيد في قوله: (ليس بينه وبينه ترجمان)، وهذا فيه إثبات صفة الكلام لله ﷿، وسيأتي مزيد بحث في هذه الصفة في كلام المصنف ﵀.

12 / 4