84

شرح العقيدة الواسطية للغنيمان

شرح العقيدة الواسطية للغنيمان

জনগুলি

الرد على قولهم: إن القرآن كلام الرسول وليس كلام الله قال الأشاعرة: إن القرآن دل على أنه كلام الرسول كما في قوله جل وعلا: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الحاقة:٤٠-٤٣] . هذه واحدة والأخرى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ﴾ [التكوير:١٩-٢٢] . استدلوا بهذه الآيات وقالوا: إنه قول الرسول؛ لأنه أضيف إليه. و الجواب الإضافة هنا لأن الرسول هو الذي بلغه، لا أنه ابتدأه، ويدل على ذلك: أنه أضافه مرة إلى الرسول البشري محمد ﷺ كما في قوله جل وعلا ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ﴾ [الحاقة:٤٠-٤١] . ومرة أضافه إلى الرسول الملكي كما في قوله: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ﴾ [التكوير:١٩-٢٠] فالمراد هنا: الرسول الملكي، وأضاف القول إليه؛ لأنه بلغه، أما القائل حقيقة فهو الذي ابتدأ القول وهو الله جل وعلا؛ ولهذا قال تعالى: ﴿تَنزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الحاقة:٤٣]، وليس في كلام الله تناقض، فكل إضافة بحسبها، فتارة إضافة تبليغ، وتارة إضافة إلى قائله، وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة عن النبي ﷺ أنه قال: (إذا رأيتم الذين يتبعون المتشابه فإياكم وإياهم فإنهم الذين عناهم الله جل وعلا)، فتعلقهم ببعض النصوص المتشابهه وتركهم النصوص المحكمة يُعدّ زيغًا وفتنة، وهكذا أهل الباطل يتعلقون بالمتشابه ويتركون الشيء الواضح الجلي، مع أن هذا ليس فيه إشكال، فإنما أضيف للرسول؛ لأنه أداه مبلغًا عن المرسل، ومعلوم أن الرسول يؤدي الرسالة ولا يأتي بشيء من عند نفسه، وكل من نقل كلامًا لغيره فإن ذلك النقل وذلك التبليغ لا يخرج الكلام عن كونه كلامًا لقائله الذي ابتدأه وأنشأه.

6 / 12