وبه ثقتي الحمد لله الباقى بعد فناء خلقه المتكفل تفضلا منه لكل مخلوق باستكمال أجله واستيفاء رزقه الذي جعل الموت لكل مخلوق ميسما في عنقه وجعل الخلائق أجمعين تحت طاعته ورقه والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث إلى غرب الوجود وشر قه وعلى آله وصحبه الذين سلموا من خطأ القول ومذقه وحازوا بل فازوا من كل فضل ومجد بغيثه وبرقه وبعد فقد خطر لي أن أكتب في هذه الأوراق بعض ما قرأته على القبور التى بمقبرة مكة المشرفة المسماة بالمعلا وما قدرت عليه فإن في ذلك تخليد ذكرهم وأسمائهم وحفظ وفياتهم والترحم عليهم وقت الوقوف على ذلك والاتعاظ بحالهم إلى غير ذلك من الفوائد مثل شعر غريب فيه ذكر الموت والإشارة إلى الفراق وذكر التوجه إلى دار التلاق والله هو المسؤول ان ي على ذلك وأن يجعلنا ممن اتعظ بالموت وأيقن بما هنالك وسهل عليه سلوك تلك المسالك فهو العليم بجميع الأمور المطلع على ما في الصدور سبحانه لا إله إلا هو تقدس وتمجد وتعزز وقد خطر لي أن أذكر قبل المقصود فوائد غريبة تتعلق بما نحن بصدد ذكره وهو الموت الذي لا عنه مهرب ولا منه فوت وبعد ذلك أذكر المقصود من كتابة هذه الأوراق إن شاء الله تعالى فائدة قال أهل اللغة مات يمات ومات يموت فهو ميت وميت بالتشديد والتخفيف قال عدي بن الرعلاء وجمع بينهما ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الاحياء ويستوى فيه المذكر والمؤنث قال تعالى لنخى به بلدة ميتا ولم يقل ميتة فائدة قال الفراء يقال لمن لم يمت إنه مائت عن قليل وميت ولا تقل لمن مات هذا مائت فائدة الميتة بفتح الميم ما لم تلحقه الزكاة وبكسرها كالجلسة تقول مات فلان ميتة حسنة فائدة الموات بالضم الموت وبالفتح ما لا روح فيه والارض التي لا مالك
পৃষ্ঠা ৩৯
لها من الآدميين ولا ينتفع بها والموتان بفتح الواو خلاف الحيوان يقال اشتر الموتان ولا نشتر الحيوان أي اشتر الأرض والدور ولا تشتر الرقيق والدواب فائدة الموت ضد الحياة وحده بعضهم بأنه عوض يحدثه الله في محل الحياة فيصير الحي ميتا لوجوده قيل الموت يضاد الحياة لأن كل ما يضاد الحياة فهو موت وما لا يضاد الحياة فليس بموت وقيل هو عوض يضاد الحياة مضادة العافية على الحالة الواحدة وهى حالة تعديل البنية الحيوانية وذلك أن ما لا يصح أن تحله الحياة لا يصح أن يحله الموت وقيل الموت نقض البنية الحيوانية أو فقد ما ينافي أن تحتاج إليه الحياة من الرطوبات والمضار فائدة كل قتل موت وإن لم يكن كل موت قتلا خلافا للمعتزلة حيث قالوا القتل ليس بموت ويرد ذلك عليهم قوله تعالى وسلم عليه يوم ولد ويوم يموت وهو مقتول وقول الشاعر فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري إلى هانئ فى السوق وابن عقيل إلى بطل قد عفر السيف وجهه وآخر يهوي من طمار قتيل يشير إلى أن عبيد الله بن زياد كان أمر بقتل هانئ المرادي ورميه في السوق وأمر برمي مسلم ابن عقيل بن أبي طالب من سطح عال وشرح ذلك يطول وقوله طمار بفتح الطاء المهملة وهو مبني على الكسر مثل قطام عند الأصمعي هو المكان المرتفع والكسائي بقوله بفتح الراء وكسرها وليس هذا مكان الرد على المعتزلة في دعواهم السابقة فائدة الموت والحياة لفظتان مشتركتان مستعملتان في لسان العرب على ثلاثة عشر وجها أحدها بمعنى الوجود والعدم وثانيها مفارقة النفس الحيوانية للأجسام ومفارقتها إياها ثالثها العز والذل رابعها الغنى والفقر
পৃষ্ঠা ৪০
خامسها الهدى والضلال سادسها العلم والجهل سابعها الحركة والسكون ثامنها الخصب والجدب تاسعها اليقظة والنوم عاشرها اشتعال النار وخمودها حادي عشرها المحبة والبغض ثاني عشرها الرطوبة واليبس ثالث عشرها الرجاء والخوف ولو أردت ذكر الشواهد على هذه الأقسام لطال الأمر وقد ذكرتها بشواهدها وأدلتها في كتابي قلب القلب فائدة من خرس لسانه عند الموت وذهب عقله فلم ينطق بالشهادة عند الموت ولا أحضر الإيمان بقلبه ومات على تلك الحالة مات مؤمنا ولا يضر عدم الإيمان الفعلي عند الموت كما أن الكافر إذا حضرته الوفاة وهو أخرس ذاهب العقل عاجز عن الكفر في تلك الحالة لعدم صلاحيته له لا ينفعه ذلك وحكمه عند الله تعالى حكم الذين استحضروا الكفر في تلك الحال بالفعل فالمعتبر ما تقدم الوفاة من كفر وإيمان ولا يضر العدم في المعنى عند الموت قاله العلماء ونقله عنهم القرافي في قواعده فائدة تعرض للإنسان عند الإشراف على الموت قوة وحركة نحو ما يعرض للسراج عند انطفائه من حركة وضياء ساطع وتسميها الأطباء النعشة الأخيرة قال بعضهم قولا لشيخ هز من عطفه إن نعشه دولة زاهرة لا تغترر فالمرء يرمي ب في اللحد بعد النعشة الآخرة وقال ابن عبد الله النقاش البغدادي إذا وجد الشيخ في نفسه نشاطا فذلك موت خفي ألست ترى أن ضوء السراج له لهب عندما ينطفى
পৃষ্ঠা ৪১
وهذا الرجل كان نقاشا للحلي ببغداد ثم صار بزازا واسمه عيسى بن عبد الله بن عيسى وكان خفيف الروح صاحب نوادر ولطائف روى عنه التاج الكندي الكامل للمبرد مع أنه كان يتمتنع من الرواية ويقد ما أنا أهل لذلك توفى سنة أربع وأربعين وخمسمائة وله شعر لا بأس ببعضه أعجبني منه قوله من أبيات وإذا تبسم في دجى ليل شهدت له بفجر وكذاك تظلمه إذا شبهت ريقته بخمر يرنو بنجلاوين يسقم من يشاء بهما ويبري فائدة في أول من مات وآخر من يموت أما الأول فلا أظن أن يتوصل إلى معرفته بوجه من الوجوه كما لا يخفى وإن كان أبو الفرج بن الجوزي قال روينا أن أول من مات آدم قال وفي هذا بعد فإنا روينا أن حواء لم يعش لها ولد فسمت ولدها عبد الحارث فكيف يقال مع هذا ما قيل؟
وروى ابن الجوزي أيضا بسنده إلى بقية عن سفيان قال أوحى الله تعالى إلى موسى أن أول من مات إبليس وذلك أنه عصاني وإنما أعد من عصاني من الموتى وأما آخر من يموت فقد ورد في الحديث أن آخر من يموت من هذه الأمة رجلان من مزينة ينزلان جبلا من جبال العرب يقال له ورقان ذكره السهيلي في الروض ونقله عن البكري في كتاب معجم ما استعجم قال السهيلي ورقان اسم جبل قال ووقع في نسخة سفيان ورقان بفتح الراء وقيده أبو عبيدة البكري بكسر النون وأنشد الأحوص وهو بالحاء والصاد المهملتين وكيف ترجي الوصل منها وأصبحت ذرا ورقان دونها وحفير
পৃষ্ঠা ৪২
قال ويخفف فيقال ورقان قال جميل يا خليلي إن بثنة بانت يوم ورقان بالفؤاد سبيا قال وذكر أنه من أعظم الجبال وأن فيه أوشالا وعيونا عذابا وسكانه بنو أوس من مزينة وذكر فيه حديثا وهو قوله ضرس الكافر في النار مثل أحد وفخذه مثل ورقان هذا كله نقله السهيلي قال الشيخ الإمام القطب العارف سيدي عبد الله بن أسعد اليافعي نفع الله به في تاريخه بلغني أن فخر الدين محمد بن فضل الله كاتب المماليك وناظر الجيش حج مع السلطان الملك الناصر في بعض حجاته وكان قريبا منه فلما مر السلطان بوادي بني سالم بدا له جبل ورقان فقال له يا فخر من في رأس هذا الجبل ؟ فقال له غلمان مولانا السلطان فقال له السلطان ليس النازلون في هذا الجبل لي بغلمان يعني أن من كان ساكنا في هذا الجبل المنيع العالي فليس لي في طاعة ولا بي مبال وفي هذا المعنى خطر لي هذان البيتان إذا ما كنت فى حصن عند رأس ورقان فإنى لا أبالى بوال أو بسلطان وهذا الجبل المذكور يؤتى منه بالعسل الفائق المشهور وأخبرني من له به خبرة أن فيه أشجارا وأنهارا ونباتا وأزهارا كثيرة يطول بذكر أسمائها التعداد ولا توجد في غيره من البلاد انتهى وقد طال الكلام بما ليس هو من قصدنا لكن الحديث شجون وأنواع وفنون فائدة أول ما ينطق به الميت وهو على الجنازة ما رواه البخاري في صحيحه بسنده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني وإن كانت غير صالحة قالت يا ويلها أين يذهبون بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق وأول فتنة بعد الموت سؤال منكر ونكير بضم أول الأول وفتح أول الثاني وقد ورد ذلك في الحديث
পৃষ্ঠা ৪৩
قال في الصحاح منكر ونكير أساء ملكين وذكر تاج الدين بن يون في شرح تعجيزه شيئا غريبا أتى فيه بعجائب عجيبة مخالفا لما في الأحاديث ولما تكرر نقله على ألسنة حملة لريع وموآه تد بن منكزا ونكيرا إنما بسألان الكفار وأما اللذان يسألان المسلمين فمبشر وبشير وهذا وإن كان حسنا وهو تفاؤل وبشارة وفيه ترغيب فمثل هذا يتوقف على النقل ولا يدرك بالعقل ولا بالقياس فائدة لو حفر لنفسه قبرا في حياته هل يصير أحق به من غيره؟ ذكره عماد الدين أبو حامد محمد بن يونس بن ربيعة الاربلى في فتاويه انه لا يصير احق به من غيره ما دام حيا قال فإن حفره ومات عقيبه وحضر ميت آخر فالذي حفره أحق به ذكر العبادي في الزيادات أن من حفر لنفسه قبرا في مقبرة واسعة فالمستحب أن لا يزاحم فإن دفن فيه غيره جاز لانه لا يدري متى يموت فائدة قال الجوهري في صحاحه في مادة نعش النعش سرير الميت سمى بذلك لارتفاعه فإذا لم يكن عليه ميت فهو سرير وخالف ذلك في مادة جنز فقال الجنازة واحدة الجنائز والعامة تقول الجنازة بالفتح والمعنى للميت على السرير فإذا لم يكن عليه الميت فهو سرير ونعش هذا كلامه والتناقض فيه ظاهر والذي قاله في هذه المادة الأخيرة قاله ابن سيده في المحكم في هذه المادة أعني مادة جنز فقال قال الفارسى لا تسمى جنازة حتى يكون عليه ميت وإلا فهو سرير أو نعش وذكر ابن سيده أيضا أن الجنازة يقال بالفتح والكسر خلافا لما سبق عن الصحاح وقال النووي الجنازة بالفتح الميت وبالكسر اسم للسرير قال وقيل بالعكس نقله عن صاحب المطالع واما انا فالذي ظهر لي وفهمته من فحوى كلام علماء العرب وفصحائهم ان تسمية سرير الميت نعشا لم يكن في الجاهلية وإنما هي تسمية إسلامية يدل على ذلك قول النابغة في النعمان بن المنذر لما مرض وكان النعمان يحمل على سرير
পৃষ্ঠা ৪৪
على أعناق الرجال ويدار به ما بين الغمر وقصور الحيرة وكانت ملوك العرب تفعل ذلك إذا اشتد بها المرض لأن أكتاف الرجال عندهم أوطأ من الأرض ألم تر خير الناس أصبح نعشه على فتية قد جاوزوا الحي ظاهرا ونحن لديه نسأل الله خلده يرد لنا ملكا وللأرض عامرا فلو كان السرير الذي يحمل عليه الميت يسمى إذ ذاك نعشا لما حسن من النابغة وهو صناجة العرب أن ينشده لملك مريض وأيضا فإن النابغة كان في ذلك الوقت يطلب رضى النعمان عليه ويتسبب في ذلك بكل سبب فإنه كان ساخطا عليه بسبب يطول ذكره وقال فيه النابغة أيضا في هذه الواقعة بعينها يخاطب حاجب النعمان عصاما الذي قيل فيه نفس عصام سودت عصاما إلى آخره وقيل فيه غير ذلك أيضا ألم أقسم عليك لتخبرني محمول علي النعش الهمام وأني لا ألوم على دخول ولكن ما وراءك يا عصام فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والشهر الحرام ونمسك بعده بدنات عيش أجب الظهر ليس له سنام هذا الذي ظهر لي وفوق كل ذي علم عليم والله أعلم فائدة وردت أخبار وأحاديث صحيحة وحسنة بما حصل للأنبياء عند الموت من معالجة سكراته ومقامات شدائده وكثيرا ما يسأل عن حكمة ذلك وفي ذلك والله أعلم فائدتان إحداهما أن يعرف الخلق ذلك فقد يطلع إنسان على حال بعض الموتى فلا يرى لهم قلقا ولا ألما لعدم الحركة فيغلب على ظنه سهولة الموت فلما ذكر الأنبياء الصادقون في خبرهم شدة الموت وألمه مع كرامتهم على الله قطع الخلق بذلك ثانيهما أنه بلاء وأشد الناس بلاء في الدنيا الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل وليس ذلك في حقهم نقصا ولا عذابا بل هو كمال ورفعة لدرجاتهم عنده مع رضاهم بجميل ما يجري عليهم لتعظم أجورهم ومنازلهم كما ابتلي إبراهيم الخليل بالنار وموسى الكليم بالخوف والأسفار وعيسى بالصحارى والقفار ونبينا بالفقر فى الدنيا ومقاتلة الكفار وأذاهم له فائدة غريبة فيمن عاش بعد الموت وقد جمع ابن أبي الدنيا كتابا في ذلك أتى فيه بكل غريب وقد روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قال سمعت رسول الله يقول يتكلم رجل من أمتي بعد الموت من
পৃষ্ঠা ৪৫
خيار التابعين وروى نصر بن أحمد بن يزيد بن مسعود بن خراش أن الربيع بن خراش كان حلف أن لا يضحك حتى يعلم في الجنة هو أم في النار فمكث لا يراه أحد يضحك حتى مات فيما يروون فأغمضوه وسجوه فقال ربعي بن خراش رحم الله أخي كان أقومنا في الليل وأصومنا في النهار الحار فهم جلوس إذ طرح الثوب عن وجهه واستقبلهم وهو يضحك فقال له ربعي يا أخي أبعد الموت ؟ قال نعم إني لقيت ربي وإنه تلقاني بروح وريحان ورب غير غضبان وإنه كساني سندسا وحريرا ألا وإني رأيت الأمر أيسر مما ترون فلا تغتروا وإن خليلي محمدا ينتظرني ليصلي علي الوحا الوحاء ثم خرجت نفسه في آخر ذلك كأنها عصاة قذفت في ماء فبلغ ذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها فقالت أخو عيسى رحمه الله تعالى سمعت رسول الله يقول وذكرت الكلام السابق عنها ومن غرائب ما حدث به ابن الماجشون قال عرج بروح الماجشون فوضعناه على سرير الغسل فدخل عليه غاسل يغسله فرأى عرقا يتحرك في أسفل قدميه فلم يعجل بغسله فمكث على ذلك ثلاثا والناس يترددون إليه ليصلوا عليه ثم استوى جالسا وقال ائتوني بسويق فأتي به فشربه فقلنا له خبرنا ما رأيت فقال عرج بروحي فصعد بي الملك حتى أتى سماء الدنيا فاستفتح ففتح له ثم هكذا في السماوات حتى انتهى إلى السابعة فقيل له من معك ؟ فقال الماجشون فقيل له لم يأذن له بعد بقي من عمره كذا وكذا سنة وكذا وكذا شهرا وكذا وكذا ساعة ثم هبطت فرأيت النبي وأبا بكر عن يمينه وعمر عن يساره وعمر بن عبد العزيز بين يديه فقلت للملك الذي معى من هذا؟ فقال عمر بن عبد العزيز فقلت له إنه لقريب من رسول الله ؟ فقال إنه عمل بالحق في زمن الجور وإنهما عملا بالحق في زمن الحق ثم توفي الماجشون هذا في سنة أربع وستين ومائة وكان سمع من عمر بن عبد العزيز ومحمد بن المنكدر وجماعة
পৃষ্ঠা ৪৬
ومن عجائب هذا الباب ما تدعيه الخزرج من أن زيد بن خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن الاعز بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج تكلم بعد الموت وقصته مشهورة وفي التواريخ مسطورة فلا نطول بذكرها وخارجة أبو زيد هذا عقبي بدري من شهداء أحد وابنته زوج أبي بكر الصديق رضي الله عنه فائدة أول من أحيى الموتيى بإذن الله تعالى ابراهيم الخليل عليه السلام قال تعالى فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك إلى قوله أن الله عزيز حكيم وقد قال الشافعي رضي الله تعلى عنه ما أعطى الله لنبي شيئا إلى وأعطى محمدا ما هو أكبر منه وأفضل فقيل له قد أعطى الله عيسى بن مريم إحياء الموتى فقال الشافعي حنين الجذع أعظم منه لأن إحياء الخشبة أعظم من إحياء الميت قاله أبو منصور البغدادي فائدة الشيخ إسماعيل الحضرمي المذكور يعرف في بلاد اليمن بمكلم الموتى نقلت من خط الشيخ المجتهد أبي العباس الميورقي نزيل وج والطائف ما صورته سمعت مفتي الحرمين أحمد بن عبد الله الطبري يقول إن الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمي قال له تؤمن بأن في عصرنا من يكلم الموتى ويكلمونه ويراهم ويرونه؟ قال فقلت له إن ادعيت أنت ذلك صدقتك قال فقال لي هذا صاحبكم المكي قال لي قل لأصحابي إني من حشو الجنة قال وكان الميت المكي رجلا تمارا قال أصحابه في البيع ولم يكن من خيارنا في حياته بل أظنه نفعه الله بصلاة الفقيه إسماعيل الحضرمي توفي الشيخ إسماعيل هذا ببلدة الضحى ليلة عرفة سنة ست وسبعين وستمائة وقال الأسنوي في الطبقات سنة ست أو سنة سبع على الشك ولا خلاف أنه سنة ست والله اعلم وكان مشهورا في الدين والعلم وقد شرح المهذب في أربعة أجزاء وقفت عليه ونقلت من خط بع الفضلاء عنه أنه قال إن الأوجه والأقوال تخاطبني أنا الأصح أنا الأصح ولا حاجة إلى التطويل بذكر أحواله
পৃষ্ঠা ৪৭
فهى أشهر من الشمس وأبين من أمس وقد زرت قبره ببلدة الضحى سنة اثنين وعشرين وثمانمائة ورأيت على قبره من الجلال والهيبة ما هو لائق بجلاله وشرفه نفع الله به ونقلت من خط أبي العباس الميورقي أيضا أخبرني الفقيه سالم بن يحيى التريمي الحضرمي أنه رأى من خير بين الموت والحياة فما مات حتى اختار الموت بنفسه ونقلت من خطه أيضا يقال إنه لما دفن الفقيه سالم وقف تلميذه الشيخ أحمد بن محمد بن الجعد على قبره وتوفي ابن الجعد سنة سبع وخمسين وستمائة فائدة ذكر الحاكم في تاريخ نيسابور عن أبي السكن الهجري قال مات خليل الرحمن إبراهيم فجأة بل يقال إن إبراهيم الخليل عليه السلام أول من مات فجأة ومات داود فجأة ومات ابنه سليمان فجاة انتهى كلامه ومات الصالحون كذلك وهو تخفيف على المومن وتشديد على الكافر وسبب ذلك كما قاله بعض الأطباء أن القلب لا ينقبض ولا ينبسط فيحدث عند ذلك للحرارة الغريزية اختناق كما يحدث عند بطلان النفس لأن بطلان النفس إنما يقتل بأن يصير القلب لعدمه لا ينقبض ولا ينبسط أماتنا الله تعالى على ما يحب ويرضى وأحيانا على ذلك إنه سميع مجيب فائدة أعلم أنه ما من حالة إلا وقد مات عليها ميت حتى في حال الجماع كما اتفق ذلك في زماننا في اليمن وفي مصر أيضا لبعض مشايخنا وأخبرني بذلك غير واحد من الثقات إلا المنبر فإنه لم يمت عليه أحد فيما علمت قال جابر بن الأشعث خطبت على منبر مصر فغشيني سنة شبه الموت فأيقنت به وخفت أن أموت فكان اهتمامى في ذلك الوقت بأن يقال هو أول من مات على منبر أشد من غمي بالموت وجزعي منه انتهى فائدة في الحديث عن أنس بن مالك رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله الموت كفارة لكل مسلم نقلته من سراج المريدين للقاضي أبي بكر بن العربي وقال فيه حديث صحيح فائدة سئل المزني عن الموت فقال هو فزع الأغنياء وشهوة الفقراء وقال الحسن إن هذا الموت فضح الدنيا فلم يدع فيها لذي لب فرحا وقال عبد الأعلى التيمي شيئان قطعا عني لذاذة
পৃষ্ঠা ৪৮
الدنيا ذكر الموت والوقوف بين يد الله تعالى وقال الصديق لخالد بن الوليد رضى الله تعالى عنهما فر من الشرف يتبعك الشرف واحرص على الموت تعط الحياة وقال بشر الحافي الموت داخل السرور أكثر منه خارج السرور وقال أيضا أمس قد مات اليوم في النزع وغدا لم يولد وقال الجنيد سمعت سريا السقطي يقول اشتهي ان لا اموت في بلدي افزع ان لا تقبلني الأرض فأفتضح وقال أحمد بن أبي الحواري إنما كره الأولياء الموت لانقطاع ذكر الحبيب عنهم وقيل لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه أتقتل أهل الشام بالغداة وتظهر بالعشي في إزار ورداء فقال أب الموت أخوف؟ والله ما أبالي أسقطت على الموت أم سقط على الموت وقال داود بن نصير الطائي صم عن الدنيا واجعل فطرك الموت وفر من الناس فرارك من الاسد وحدث الزبير بن بكار قال كان أبو شيبة الحجبى إذا مرت به جنازة سأل عنها فإن قيل من الموالي قال مال الله يأخذ منه ما شاء فليضع الموت بركة وإن قيل من العرب قال المادة كبيرة وإن قيل من الانصار قال اهل الارض وإن قيل من قريش قال واقوماه استحلتهم المنايا ذكرت بقوله استحلتهم المنايا ما رواه الطبراني بسنده إلى عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال رسول الله أول الناس لاكا قومك قال قلت كيف يا رسول الله؟ قال يستحلهم الموت ويتنافس فيهم قلت فما بقاء الناس بعدهم؟ قال بقاء الحمار إذا كسر صلبه وقال المهلب بن أبي صفرة الحياة خير من الموت والثناء الحسن خير من الحياة ولو أعطيت ما لم يعطه أحد لأحببت أن أكون أذنا أسمع بها ما يقال في في غد إذا مت وقيل إن هذا من كلام ولده يزيد والله أعلم وقال أعرابي ما بقاء عمر تقطعه الساعات وسلامة بدن معرض للآفات ولقد عجبت من المؤمن كيف يكره الموت وهو ينقله إلى الثواب الذي أحيا له ليله وأظمأ له نهاره وذكرت قول أفلاطون ما أبين فضيلة الموت إذ كان سببا للنقلة من عالم التعب إلى عالم الراحة ومن عالم الفناء إلى عالم البقاء والراحة ممن لا ينصفك من أضدادك وإنما يكره الموت من يرغب في الدنيا وأتعب نفسه في جمع حطامها أسفا على ما جمع منها وقال أفلاطون أيضا ينبغي للعاقل الحسن الحال أن لا يفرح بموت عدو له لأن الطبيعة لا
পৃষ্ঠা ৪৯
تتركه بغير عدو لكن ينبغى أن يكون فرحه موكلا بارتفاع عداوة الخيار له وميل الأشرار إليه ويسهل عليه ما سوى ذلك وقيل له هذا إنسان لا عيب فيه فقال لو كان إنسان لا عيب فيه كان لا يموت وقيل لأعرابي وقد مرض إنك تموت قال وإذا مت فإلى أين أذهب؟ قالوا إلى الله قال فما كراهتي أن أذهب إلى من لم أر الخير إلا منه وقال آخر من خاف الفوت بادر الموت وقال اخر خير من الحياة ما إذا فقدته ابغضت له الحياة وشر من الموت ما إذا نزل بك أحببت له الموت وحدث الرياشي عن الأصمعي قال قال يحيى بن خالد البرمكي لم تخالف العرب العجم إلا في حرف واحد قالت العرب استراح من لا عقل له وقالت العجم مات من لا عقب له وقال ابن عبد الحكم سمعت أشهب يدعو على الشافعي بالموت فذكر ذلك للشافعي فانشد متمثلا تمنى رجال أن اموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد فقل للذي يبغى خلاف الذي مضى تهيا لأخرى مثلها فكأن قد قال فلما مات الشافعي اشترى أشهب من تركته عبدا ثم مات أشهب فاشتريت أنا ذلك العبد فقال إن أشهب عاش بعد الشافعي شهرا وقيل أقل منه وتوفيا سنة أربع ومائتين رحم الله الشافعي ورضي الله عنه ورحم اشهب ونختم هذه الفوائد بفائدة وهي الكلام على القبر وأحواله وبعض فوائده فهو أخص بالذكر وأحق لمناسبته لمطلوب هذه الأوراق والقصد من ذلك جميعه الحرص على الفوائد وطلب ما يذكر بيوم المعاد وهول المطلع نسأل الله تعالى السلامة فائدة في ذكر بعض أسماء القبر وما يتعلق بذلك فمن أسمائه الرجم بتحريك الراء والجيم قال جرير
পৃষ্ঠা ৫০
أنا ابن الذي لم يخزني في حياته ولم أخزه لتا تغيب في الرجم والرجم بإسكان الجيم هو في الأصل الرمي بالحجارة والرجام بالكسر حجارة ضخام وربما جعلت على القبر لتسنم قال عبد الله بن معقل في وصيته لا ترجموا قبري أي لا تنضدوا عليه الرجم أراد بذلك تسوية قبره بالأرض وأن لا يكون مسنما كما قال الضحاك في وصيته: ارمسوا قبري رمسا والمحدثون يقولون لا ترجموا قبري والصحيح أنه مشدد قاله كله الجوهري في صحاحه منها الجدث بفتح الجيم والدال المهملة وبعدها ثاء مثلثة قال تعالى ونفخ في الصور فإذا هم من الأحداث إلى برهم ينسلون والجمع أجدث وأجداث ويقال اجتدث أي اتخذ جدثا والمرس موضع القبر قال يخفض مرمسي أو من بقاع تصوت هامتي في رأس قبري والرمس تراب القبر وهو في الأصل مصدر يقال رمست البيت وأرمسته أي دفنته ورمسوا قبر فلان إذا كتموه وسووه مع الأرض قاله الجوهري في الصحاح وينبغي أن يكون من أسمائه المرقد بفتح الميم لقوله تعالى قالون ياويلنا من بعثنا من مرقدنا فائدة قال الجوهري القبر واحد القبور والمقبرة بفتح الباء وضمها واحدة المقابر وقد جاء في الشعر المقبر قال عبد الله بن ثعلبة الحنفي لكل أناس مقبر بفنائهم فهم ينقصون والقبور تزيد وهو المقبري والمقبري وقبرت الميت أقبره قبرا بضم الباء وكسرها أي دفنته وأقبرته أي أمرت بأن يقبر قالت تميمة للحجاج أقبرنا صالحا وكان قد قتله وصلبه أي إئذن لنا في أن نقبره فقال لهم دونكموه
পৃষ্ঠা ৫১
قال ابن السكيت أقبرته أي صيرت له قبرا يدفن فيه وقوله تعالى ثم أماته فأقبره أي جعله ممن يقبر ولم يجعله يلقى للكلاب وكأن القبر ما أكرم به بنو آدم انتهى كلام الجوهري ما عدا قولي يعني بضم الباء وكسرها فإنه من تفسيري اعلم أن أصحاب مذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه قالوا لا يجوز دفن الميت قبل الصلاة عليه وإن قلنا إن الفرض يسقط بالصلاة على القبر واعلم أن دفن الميت فرض كفاية بالإجماع وكذا غسله وتكفينه والصلاة عليه هكذا نقل أصحابنا الإجماع ورأيت في محتصر ابن الحاجب الفرعي حكاية قولين في وجوب الغسل فائدة أقل واجب في القبر ما يكتم رائحة الميت عن الناس ويحرسه من السباع ولكن هل يشترط مع ذلك الحفر أو يكفي وضع الميت على وجه الأرض ويوضع عليه أحجار وتراب ونحو ذلك مما يكتم رائحته ويحرسه من السباع حكى النووي في آخر كتاب السرقة من الروضة في زوائده أنه ينبغى أن لا يكفى ذلك إلا إذا تعذر الحفر لأنه ليس بدفن ونقل الرافعي الشافعي عن فتاوى البغوي ما حاصله أنه يكفي هذا حد أقله وأما أكمله فهو قدر قامة وسط وهي ثلاثة أذرع ونصف قاله الرافعي تبعا للمحاملي وقال النووي الصواب أربعة أذرع ونصف ونقله عن الجمهور وقال في الدقائق إن الأول غلط والدليل على ذلك أن عمر رضي الله عنه أمر به ولأنه أبلغ في المقصود من الدفن ومراد الاصحاب بذلك قامة رجل معتدل وقيل يستحب قدر قامة فقط وهو مقدار ثلاثة أذرع فائدة يجوز اللحد وهو حفر حائط القبر والشق وهو حفر قعره كالنهر واللحد أولى في الأرض الصلبة لما روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قال في مرضه الذي مات الحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما فعل برسول الله وفي الحديث الحد لنا والشق لغيرنا رواه أبو داود والترمذي وغيرهما لكنه ضغيف وإن لم تكن الأرض صلبة فالشق اولى مراعاة للمصلحة
পৃষ্ঠা ৫২
وأفاد الخطابي في شرح غريب الحديث له أن الضريح هو المشقوق في الأرض طولا فإذا كان ملحودا لم يسم ضريحا انتهى كلامه وأما الجوهري فقال الضريح الشق من وسط القبر واللحد في الجانب وقد ضرحت ضرحا إذا حفرته ولم يزد على ذلك في هذه المارة وقال في مادة لحد واللحد بالتسكين الشق في جانب القبر واللحد بالضم لغة فيه تقول لحدت للقبر لحدا أو ألحدت له أيضا فهو ملحد انتهى فائدة يستحب رفع القبر قدر شبر ليعرف ولو بالحصى والحجارة وعبارة الحاوي الصغير نقتضي نفي الكراهة فإنه قال ويرفع قدر شبر ولكن صرح الأئمة باستحباب ذلك واستثنى المتولي قبر المسلم ببلاد الكفار فيخفى صيانة عنهم وأما تجصيص القبر فإنه مكروه وألحق به إمام الحرمين وتبعه الحاوي التطيين والتجصيص مرتبة فوق التطيين وروى الترمذي عن الشافعي أنه لا بأس بالتطيين وصححه النووي في شرح المهذب لأنه لم يرد فيه نهي ويستحب وضع الحصاة على القبر وترميمه وتنضيد اللبن على فتح الحد وتسد فرج اللبن ثم يهال عليه التراب بالمساحي هذه عبارة الحاوي وعبارة ابن الرفعة يستحب ذلك لمن حضر والتسطيح أولى من التسنيم ويستحب رش القبر بالماء عقيب الدفن لأنه ورد أنه كان جالسا على شفير قبر ابنه إبراهيم وأنه رش على قبره ماء قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات وهو أول قبر رش عليه الماء ولم يذكر في الحاوي الصغير رش القبر بالماء بعد الدفن وصفة دفن الميت أن يوضع على شفير القبر بحيث يكون رأسه عند مؤخر القبر ثم يسيل إلى القبر من جهة رأسه ويضجع الميت الرجال وإن كانت امرأة أضجعها الزوج ثم المحرم ثم
পৃষ্ঠা ৫৩
عبدها ثم الخصي ثم العصبة ثم ذو الرحم أي من لا محرمية له ثم الأجانب ويضجع على جنبه الأيمن وإن عجز واحد فيستحب أن يكون عدد الدافنين وترا قالوا ويفضي بوجهه إلى تراب أي بخده الأيمن هكذا أطلقوه وقال في البحر ولعلهم أرادوا خده مع الكفن قال النووي في شرح المهذب صرح الأصحاب بالإفضاء بخده إلى التراب ومعناه أن ينحى الكفن عن خده ويوضع على التراب فائدة عظيمة إذا أعاره أرضا لدفن ميت محترم فإنه لا رجوع له ما لم يندرس الميت أي يصير ترابا لأنه دفن بحق والنبش بغير ضرورة حرام لأجل هتك حرمة الميت ويكون ذلك من العواري اللازمة من جهة المعير وهو خلاف موضوع العارية لأنها إعانة ومكرمة ولو منعنا المالك من الرجوع فيها عند حاجته إليها لامتنع الناس منها فناسب أن تكون جائزة للطرفين إلا أنهم استثنوا من هذا الأصل مسائل لمعان أحدها المسألة المذكورة قال الماوردي والبغوي ولا أجرة له إذا رجع يعني في المسالة السابقة قال لأن العرف يقتضيه والميت لا مال له وقد استقر رأي القاضي حسين كما قاله في المطلب على امتناع الرجوع قبل الاندراس وبعده وأطلق الماوردي المنع من التصرف على ظاهر القبر نعم للمالك سقي الأشجار إذا لم يفض إلى ظهور شيء من بدن الميت نقله الرافعي عن صاحب النهاية وأقره وذكرها أيضا القاضي الحسين والغزالي ومحل عدم الرجوع إنما هو بعد الدفن كما أشعرت به عبارة المحرر فإن رجع قبل المواراة نظر إن كان بعد الوضع فالصحيح امتناعه كما قاله الرافعي في الشرح الصغير ولا يؤخذ من الكبير والروضة تصحيح وإن كان الرجوع قبل الوضع جاز لكنه يغرم لولي الميت مؤنة الحفر إن كان حفر لأنه الذي ورطه فيه قاله المتولي في التتمة وقع في الرافعي أن ولي الميت يغرم واغتر به في المطلب فجزم به وهو غريب وفي فتاوي البغوي أن المعير إذا بادر إلى زراعة الأرض بعد حراثة المستعير لها لم يلزمه أجرة الحراثة الذي يظهر أنه لا فرق بين المسألتين والله أعلم ومن العواري اللازمة أيضا وهو مناسب لما نحن فيه ما إذا كفن أجنبي ميتأ وقلنا إن الكفن باق على ملك الأجنبي وهو الأصح في كتاب السرقة من زوائد الروضة ومن صرح بأن هذا من
পৃষ্ঠা ৫৪
العواري اللازمة الغزالي في الوسيط في كتاب السرقة أيضا وصرح في باب الوصية بأنها عارية وذكر الرافعي في السرقة نحوه انتهى فائدة القبر يحترم كما لو كان من فيه حيا فيكره الاتكاء عليه كما نقله النووي من زوائد الروضة عن الأصحاب لكن جزم في آخر كتاب الجنائز من شرح مسلم بتحريم الاستناد إلى القبر والجلوس عليه وكذا أن يطأه إلا لحاجة كالوصول إلى قبر ميته وما أحسن عبارة الحاوي من قوله ويحترم كهو ويعجبني قول القائل وإني لأستحييه والترب بيننا كما كنت أستحييه وهو يراني وبقية الكلام على هذه المسائل محلها كتب الفقه المطولة والله أعلم فائدة لا يجوز جمع اثنين وثلاثة في قبر إلا لحاجة ولا يجمع بين الرجل والمرأة إلا لشدة الحاجة ويجعل بينهما حاجز من تراب ويقدم الافضل إلى جدار اللحد فإن جمع لغير حاجة كره وقال السرخسي الشافعي يحرم والكلام في هذه المسألة كثير حاصله أن دفن جمع من نوع واحد مكروه أو رجل وامرأة ابتداء بلا ضرورة فيظهر التحريم أما في الدوام كإدخال ميت على ميت فلا يجوز حتى يبلى الأول لحما وعظما فإن حفره فظهر فيه شيء من العظام فعن النص أن يجعله في جنب القبر ويدفن الثاني معه ولا يجوز بعد بلاء الميت عمارة القبر وتسوية التراب عليه في المقابر المسبلة فائدة لا يجوز نبش القبر إلا أن ينمحى أثره ويبلى ويصير ترابا ولا يقدر بزمان بل يختلف باختلاف البقاع والأماكن وينبش أيضا إذا دفن في مغصوب أرض أو ثوب أو دفن لغير القبلة أو لحقه سيل أو نداوة أو وقع في القبر خاتم أو متاع إلا أن ضمنه الوارث ولو دفن بلا كفن لا ينبش وكذا لو كفن في ثوب حرير قال في الروضة وفيه نظر ولو ابتلع لؤلؤا له أو لغيره في حياته فالأصح إن كان المال لغيره نبش وشق وأخرج وإلا فلا ولو ماتت وفي جوفها ولد يرجى حياته شق جوفها وأخرج وإلا لم يشق قيل يوضع عليه شيء حتى يموت وهو غلط ولا تدفن المرأة ما لم تسكن حركة الجنين فائدة ظريفة رأيت في كثير من التواريخ عن بعضهم أنه قال مررت بقبر وعليه مكتوب هذا قبر أو أنا قبر من إذا شاء حبس الريح وإذا شاء أرسلها فعظم عندي ذلك ووقفت متعجبا
পৃষ্ঠা ৫৫
منه وإذا أمامه قبر مكتوب عليه كذب العاض بظر أمه لا تظن أنه سليمان بن داود بل هو بن حداد فلم أر قبلهما قبرين يتشاتمان وانصرفت عنهما بطرفة ظريفة انتهى فائدة اشتهر ب: المقابري يحيى بن أيوب العابد البغدادي وعرف ب المقابري لأنه كان يتعبد في المقابر ولد سنة سبع وخمسين ومائة وتوفي في ربيع الأول سنة أربع وثلاثين ومائتين سمع شريكا القاضي وإسماعيل بن علية وغيرهما وروى عنه أحمد بن حنبل ومسلم بن الحجاج والبغوي وغيرهم وكان ثقة ورعا صالحا وروى الخطيب عن العباس بن محمد عن أبيه قال مررت بالمقابر فسمعت همهمة فاتبعت الأثر فإذا بيحيى بن أيوب في حفرة وهو يبكى ويدعو ويقول يا قرة عين المطيعين وقرة عين العاصين ولم لا تكون قرة عين المطيعين وأنت مننت عليهم بالطاعة ولم لا تكون قرة عين العاصين وأنت سترت عليهم الذنوب وهو يعاود البكاء قال فغلبنى البكاء ففطن لي فقال لي تعال لعل الله إنما بعث بك لخير كان بعض الصالحين يكثر الجلوس بين القبور فسئل عن ذلك ؟ فقال أجلس إلى قوم إن حضرت عندهم لا يؤذوني وإن غبت عنهم لا يغتابوني فائدة يقال إن الشيخ الصالح إبراهيم بن هصاد بن شداد الجعبري المشهور لما مرض مرض موته أمر أن يخرج به إلى مكان مدفنه وهو ظاهر القاهرة بالحسينية وكان قد أمر بحفر قبره فلما وصل إليه قال له يا قبير جاءك دبير وتوفي بعد ذلك بيوم واحد سنة سبع وثمانين وستمائة ولأصحابه فيه مغالاة وعقيدة وكل من يعرفه يعظمه ويثنى عليه وعليه مآخذ في عباراته قال الشيخ أبو حيان رأيته بالقاهرة وحضرت مجلسه أنا وابن مكي وجرت لنا معه حكاية وكان يجلس للعوام ويذكرهم فائدة حكى ابن خلكان في تاريخه عن زائدة بن قدامة قال تبعت الأعمش يوما فآتى المقابر فدخل في قبر محفور فاضطجع فيه ثم خرج منه وهو ينفض التراب عن رأسه ويقول واضيق مسكناه توفي رحمه الله في شهر ربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة وقيل سنة تسع وأربعين مولده سنة ستين من الهجرة وقيل إنه ولد يوم قتل الحسين بن علي رضي الله تعالى عنه وذلك يوم عاشوراء سنة إحدى وستين وعده ابن قتيبة في كتاب المعارف ممن حملت به أمه سبعة أشهر
পৃষ্ঠা ৫৬
طريفة حكى الصلاح الصفدي في تاريخه قال حكى لي القاضي شهاب الدين بن فضل الله قال اجتزت بتربة الصاحب تاج الدين بن ضنا فرأيت إلى جانبها مكتبا للأيتام وهم يكتبون القرآن في ألواحهم فإذا أرادوا مسحها غسلوا الألواح وسكبوا ذلك على قبره فسألت عن ذلك؟ فقيل لي هذا شرط الواقف وهذا قصد حسن وعقيدة جميلة وتاج الدين هذا هو محمد بن الوزير بهاء الدين علي بن سليمان الغزي كان رئيس عصره وفريد مصره ذا صون وسؤدد ومكارم أخلاق وشكل حسن وبزة فاخرة إلى الغاية وفيه تواضع ومحبة للفقراء والصلحاء وهو الذى اشترى الاثار النبوية بستين ألف درهم توفي سنة سبع وسبعمائة وولد سنة أربعين وستمائة رحمه الله تعالى فائدة في ذكر بعض أبيات من الشعر فيها لفظ القبر ومعانيها مختلفة في أنواع شتى قال قيس بن الملوح بن مزاحم بن قيس مجنون بني عامر قال في الأغاني ولم يكن مجنونا وإنما كانت به لوثة كلوثة أبي حية النميري عرضت على قلبي العزاء فقال لي من الآن فايأس لا أعزك عن صبر إذا بان من تهوى وأصبح نائيا فلا شيء أجدى من حلولك في القبر وقال قيس بن ذريح بالذال المعجمة وأظنها مفتوحة والحاء المهملة الكناني صاحب لبني بضم اللام وهي في اللغة المتعة وفى الحديث إن للشيطان بيتا يقال له لبني ذكر المعري في كتاب المقصور والمدود تعلق روحي روحها قبل خلقها ومن بعد ما كنا نطافا وفي المهد فزاد كما زدنا وأصبح ناميا وليس إذا متنا بمنقصم العهد ولكنه باق على كل حالة وزائرنا في ظلمة القبر واللحد ليلى بنت عبدالله الأخيلية التى إن لم تتقدم على الخنساء لم تقدم الخنساء عليها عند الحذاق من علماء هذا الفن لعمرك ما بالموت عار على الفتى إذا لم تصبه في الحياة المعاير وما احد حى وإن عاش سالما باخلد ممن غيبته المقابر هما من أبيات ترثي بهما توبة بن الحمير ولها فيه ما هو أشهر من قفا نبك وأصفى من الإبريز
পৃষ্ঠা ৫৭
بعد الإخلاص ولاسبك وليس هذا موضع وصفها وقال القاضي ابن الربعي التميمي يا قبر لا تظلم عليه فطالما جلى بغرته دجى الإظلام أعجب لقبر قد حوى ليثا وبحر ندى وبدر تمام وقال الشريف الرضي يرثي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وهو من العجائب ومن الشريف غاية الإنصاف يا بن عبد العزيز لو بكت العين فتى من أمية لبكيتك غير أني أقول إنك قد طبت وإن لم تطب ولم يزك بيتك أنت نزهتنا عن السب والقذف فلو أمكن الجزاء جزيتك ولو أني أتيت قبرك لاستحييت من أن أرى وما حييتك دير سمعان فيك مأوى أبي حفص فيوؤذي لو أني أويتك أنت بالذكر بين عيني وقلبي إن تدانيت منك أو أن نأيتك وهى أكبر من هذا وقال أبو المهدي غالب بن عبد القدوس التميمي وقال ابن حزم في الجمهرة اسمه عبد المؤمن وقيل اسمه الأزهر وهو أول من استفرغ شعره في وصف الخمر من شعراء الإسلام اجعلوا إن مت يوما كفني ورق الكرم وتبر الممصرة أنني أرجو من الله غدا بعد شرب الراح حسن المغفرة اللهم يا من لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية اغفر له وتجاوز عنه وعنا فقد قلت وأنت أصدق القائلين على لسان نبيك الصادق المصدوق أنا عند ظن عبدي بي وأنت أكرم الأكرمين وأرحم الأرحمين غافر الذنب وكان هذا الشاعر ظريفا مطبوعا أدرك الدولتين وكان جزل الشعر حسن الألفاظ لطيف
পৃষ্ঠা ৫৮