45

وهي صحيحة النسبة إليه، نظمها معارضة - أو إجازة - لقصة في موضوعها من نظم الشاعر روبرت شستر، وطبعها ريتشارد فيلد مواطن شكسبير في سنة 1601، وهي من متوسط شعره، ولكنها لا تعد من عيونه ومأثوراته.

وتنسب إليه قصة «شكاة عاشق» ولا يصح من نسبتها إليه إلا أنها تنم على آثار قلمه، كأنه عمل في تصحيحها وتهذيبها ثم أهملها، وليس في أسانيدها «الخارجية» ما هو أقوى من نسبتها إليه، ولا في أسانيدها الداخلية - أسانيد النقد التحليلي - ما هو أقوى من مشابهتها في أوزان النظم لبعض أعاريضه المحببة إليه.

واشتملت مجموعة منتخبة في عصره على نخبة من موشحاته وأغانيه في مسرحياته، ومعها نحو عشرين قطعة لم تنسب إليه في غير هذه المجموعة، وربما خفي عليه أمرها أو أهملها كما أهملها النقاد في عصره لاستبعاده أن تجوز على قرائه، وقد نشر هذه المجموعة وليام جكارد المشهور بالقرصنة الأدبية، وظهرت في سنة 1599 بغير تسجيل. •••

وفي القرن السابع عشر كشف المنقبون عن سجل مخطوط فيه قصائد ومقطوعات ونتف متفرقة ينسب بعضها إلى شكسبير، ومنها قطعة عن الملك يقول فيها إنه يملك الدولة والسطوة ولكنه إذا كان ذا بصر ومعرفة كان لذلك أشبه بخالقه وباريه، وليس لشكسبير شعر في المبادئ السياسية فيما عدا المسرحيات غير هذه الأبيات، ولكنه كان ولا شك حسن الاطلاع على محصولها في مباحث عصره، وأقربها إليه مباحث الأستاذ جيوفاني فلورير العالم الإيطالي الذي كان يدين بالمذهب البروتستانتي ويأوي إلى حمى اللورد سوثامبتون صديق شكسبير، وعلى نسخة من ترجمته لمقالات مونتاني توقيع شكسبير محفوظا بالمتحف البريطاني وإلى فلسفته تعزى المقتبسات من مصطلحات العلم السياسي فيما ورد على لسان أبطال المسرحيات. •••

والمشكوك فيه من شعر الديوان قليل بالقياس إلى المسرحيات.

والجزء الذي يتطرق إليه الشك نافلة من القول لا شأن له بترجمة الشاعر ولا بقيمة شعره ولا بتاريخ الأدب على أيامه.

وإنما تتباعد الآراء في شعره لتباعد الآراء - بعده - في الشعر كله، ولكثرة المدارس والمذاهب التي نجمت في عالم الفنون الغربية بين القرن السادس عشر والقرن العشرين.

ففي هذه العصور نجمت مدرسة السلفيين المحدثين ومدرسة المثاليين ومدرسة الواقعيين والطبيعيين ومدرسة البرناسيين، وتكلم النقاد من غير هذه المدارس عن وظيفة الشعر وعن شروطه وغاياته، فذهبوا في حدودهم وأحكامهم متفرقين تفرق النقائض والأضداد: يقنع بعضهم من الشعر بالرونق والطلاء، ويحسبه بعضهم إلهاما يقارب النبوة وينوطه بعضهم بالتأمل وبداهة الحكمة، ويراه آخرون زيا من الأزياء التي لا تحمد على حالة واحدة في جيلين متعاقبين ولا في عامة الأجيال .

فإذا كان شكسبير قد خرج من هذه الآراء المتعارضة بشاعرية مسلمة فتلك امتحانات شتى قد جازها، لا يجوزها على مدار الزمن غير آحاد من أعلام الشعر المعدودين في القديم والحديث، وقد جاز تلك الامتحانات على تباعد الآراء؛ إذ كان في شعره ما يرضي طلاب الرونق وطلاب التأمل وما يعجب مدرسة الطبع ومدرسة التعمق، وما يضطر المتعنت في شروطه وحدوده أن يترخص للزمن في تبدل أحواله ويستثني من تلك الأحوال شعرا يتخطى الأزمنة ويصاغ لكل آونة وكل بيئة.

ولا مناص من تسليم النقاد على نحو من هذا التسليم أمام الشعراء الذين سمت بهم عبقريتهم عن علاقة البلد والبرهة، وارتفعوا إلى علاقة دائمة تتصل بطبيعة الإنسان في كل جيل وقبيل.

অজানা পৃষ্ঠা