تهيبا وإعجابا. •••
خرجت شجرة الدر تلك الليلة من قصر الملك الصالح أجمل قصور تلك الجزيرة وأثمنها رياشا
وزخرفا، ومعها جاريتها شوكار، ومشت في ممر مسقوف يؤدي إلى شرفة تطل على النيل، فجلست على
أريكة مغشاة بالديباج المزركش ، وجاريتها تعزف على العود وتغني لها أصواتا تعودت أن تطلب
إليها إنشادها، وهي مستغرقة في هواجسها تنظر إلى النيل وهو يبدو كالفضة اللامعة من تكسر نور
القمر على سطحه، ولولا ما يتخلل بياضه من التموج والارتعاش لم تشك أنه فضة خالصة، أو أنه
مرآة صافية، وكانت مراياهم تصنع من الفضة المصقولة بدل الزجاج اليوم.
وكأنها أحست بطول سكونها واشتغالها عن غناء شوكار، فأجالت بصرها في الفضة المقابلة من
النيل في بر الجيزة، وقد بدت فيها النخيل صفوفا أرسلت رءوسها في الفضاء كأنها أسراب من
العذارى يحملن المظلات وقد وردن الماء، فلما أشرفن على ضفاف النيل تهيبن فوقفن خاشعات ينظرن
অজানা পৃষ্ঠা