وقال صبي ثالث كأنما ألهم القول: رأيته يقف على قائمته ويتبول على امرأة عجوز، تجلس بجوار البالوعة تبيع تفاحا.
وأضاف قائلا كأنما واتته الفكرة بعد: وفوق التفاح جميعا أيضا. - إنهم يضعون المئمتين على عينيه لكي يرى مدى صغر الناس، ولو أنه رأى مدى صغرهم لقتلهم جميعا. - أتجعله هاتان المئمتان يظن أن الناس صغار؟ - أجل صغار كالأشياء الحقيرة. - وي!
وكان كل صبي يعلم أنه يكذب، إلا أنه صدق ما كان يقوله الصبية الآخرون عن الجواد، وأخيرا، وبعد أن مل الصبية مراقبتهم لبوب اللطيف وهو واقف هناك، التقط أحدهم حجرا وألقاه على الجواد، وتغضن جلد بوب في موضع إصابته بالحجر، وانتفض الصبية متوقعين أن يجن جنونه، فيحمل عليهم كالفارس المغوار، ورفع فرانك بصره إليهم وقال لهم بصوت لطيف، عرف عن أهل بروكلين: خليق بكم ألا تمضوا في هذا الصنيع، إن الجواد لم يصبكم بشيء.
وصاح أحد الصبية ساخطا: طبعا لا نريد أن نمسه بسوء.
وأجاب فرانك: كلا لا تريدون.
وجاءت الضربة القاضية التي لا مناص منها، حين قال أصغر الصبية: اذهب أنت، تبا لك ...
وقال فرانك وما زال محتفظا بهدوئه ووداعته، وهو يلقي على كفل الجواد بعض الماء المصبوب: ألا تريدون أن تنفضوا؟ انفضوا وإلا حطمت حمارين منكم. - لقد عرفناك، ومن يكون الآخر؟ - لأرينكم من يكون الآخر!
وانحنى فرانك فجأة والتقط حجرا منفصلا من الحصباء ولفه، كأنما يهم بأن يقذف به، وتراجع الصبية وهم يصيحون صيحات من يقرع الحجة بالحجة: أظن أن هذا بلد حر. - أنت لا تملك هذه الشوارع. - سأذهب وأبلغ عمي بالأمر، عليك اللعنة.
وقال فرانك مستخفا: لقد حلت بكم الهزيمة الآن.
وأعاد الحجر إلى مكانه بعناية.
অজানা পৃষ্ঠা