বিশ্ব ইসলামে নারী খ্যাতিমানদের
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
জনগুলি
سقيا لتلك الأزمان والعهود التي كان الغرب ينهل فيها من موارد الشرق، ففي بغداد عظم شأن الفلك وفيها تقدم علم الكيمياء، وفي ذلك العهد الزاهر تدرجت الفصاحة والبلاغة وأساليب القول في الخطب والإنشاء إلى أسمى المراتب، فاستنارت العقول ورقت الطباع والمشاعر وتنافس الخلق في ضروب البهرجة والزينة وأنواع الرفاهة، وأصبح التظرف والتجمل ودقة الصناعة ديدن كل إنسان وشعاره، فسالت أنهر الدنانير وتغالى الناس في اقتناء المجوهرات وأواني الزينة من الفضة والذهب بكثرة لا تقع تحت حصر ولا قياس، إلى حد أن ضاعت قيمتها الأصلية، وكانت العطايا والجوائز من الزمرد والياقوت والفيروز وغيرها من النفائس تنهال على الشعراء والأدباء والحكماء كالسيول الدافقة بلا عدد أو حساب؛ إذ كان الشاعر أو النديم أو العالم يأخذ ما يتمناه من سامعيه إذا أجاد القول أو أحكم الشعر في قولة يقولها أو حكمة يفسرها، ولهم في ذلك قصص متواترة تتناقلها الألسن جيلا بعد جيل، وكذلك الغناء كان له شأن يذكر حتى وصل إلى ما وراء الغاية في تشعب طرقه وكثرة مذاهبه، وتفنن الناس فيه استدرارا للرزق وطلبا للحظوة لدى الأمراء والكبراء، فنبغ فيه كثيرون نقل التاريخ إلينا أسماءهم دون ألحانهم ومجهوداتهم التي بقيت للأسف كالألغاز التي لا يتوصل المرء إلى حلها.
في هذه الأيام السعيدة المبهجة من العصر الثاني للهجرة النبوية، ولدت بطلة من بطلات الإسلام زادت نور عصرها إشراقا، هي زبيدة حفيدة أبي جعفر المنصور، منشئ بغداد.
الفصل الثالث
على مقربة من الموصل قصر جميل بناه المنصور وسماه «قصر الحرب»، ثم وهبه إلى ابنه جعفر عندما عينه واليا على الموصل، في هذا القصر ولدت زبيدة وفيه مات أبوها جعفر بعد ولادتها بثلاثة أعوام.
نشأت زبيدة في مهد الدولة العباسية، فكانت مهبط الحب وموطن العناية والتجلة والإعزاز من قلوب بني العباس، لا سيما جدها المنصور، ركن الدولة العباسية ومقرها الأشرف وعميدها الأجل، فقد كان يؤثرها بقلبه ويختصها بحب فوق كل حب، وهو الذي لقبها بزبيدة لما رأى من بضاضتها ونعومتها فغلب عليها هذا اللقب وصارت تسمى به دون اسمها الحقيقي، وقد قام جدها بتربيتها فأحسن أدبها وتربيتها؛ فعلمها القراءة والكتابة ورواها الشعر وحفظها الأخبار والسير؛ فشبت كلفة بالشعر
1
والهة بالأدب حتى كانت تزين حوائط غرفتها بالستائر الموشاة بالنظم البديع والأبيات الموثقة.
كانت ذات ملامح جذابة وجمال خاص بنساء عصرها، فاشتهر عنها الأدب والكمال والجمال مع علو النسب حتى صار يضرب بها المثل في الأندية العالية والمجامع الراقية، وقد ظهر من إعزازها والمغالاة بشأنها يوم أن زفت على ابن عمها الرشيد، فقد عقد له عليها عام 165 هجرية وهي في السابعة عشرة من عمرها وتمت حفلة قرانها بأبهة خارقة للعادة لا يسع له مجال الخيال، فكانت من أبدع الحوادث التي يرويها التاريخ
2
بإسهاب وإطناب يقصر دونهما كل قول ووصف، وقد نالت تلك الحادثة استحسان جمهور المسلمين المنتشرين في أصقاع العالم، ووقعت من نفوس كبرائهم وأمرائهم موقع الاستحسان فتهافتوا على هذه الحفيدة الهاشمية بأنواع الهدايا وضروب المجوهرات وصنوف الطيب وأدوات الزينة استجلابا لرضاها ورغبة في حظوتها، ولقد ألقي عليها في حفلة زفافها من غوالي اللآلئ ما أثقل سيرها وعاق مشيها، ولقد نثر اللؤلؤ في جنبات طريقها على البسط الموشية بأسلاك الذهب وهي تتهادى في الثياب المزخرفة التي بالغوا في تطريزها وتزيينها بأنواع الجواهر التي يعجز المرء عن تقديرها أو تقويم قيمتها.
অজানা পৃষ্ঠা