فضمها إليه بشغف تمادى في خلوة الصحراء، وأصابعه تتخلل شعرها المضيء بشعاع القمر. وهمس بصوت غريب لاهث: عندما يطلع الفجر.
وألصق خده بخدها، وراحا ينظران إلى القمر الناعس في مستوى البصر، ويتابعان شعاعه الواني المنطرح فوق الرمال. سوف يسحب ذيوله قبل أن يروى القلب الظامئ. ولا من قوة تستطيع أن تستديم اللحظة الإلهية، اللحظة التي وهبت الكون يوما سرا جديدا، وها أنت تقف على أعتابها مستجديا، وتبسط يدك في ضراعة للظلمة والأفق، والغيابات التي يهبط إليها القمر. لعل قبسا يشتعل في صدرك كما ينبثق الفجر، وتتوارى مخاوف الإفلاس والعدم. - أأنت خيالي؟ - بعيد عن ذلك لحد المرض.
وهي تضحك: ولست من الذين يضربون النساء؟ - ولا الرجال. - هذا حسن.
وهو يضمها إليه أكثر: ولكني شرعت يوما في القتل. - بسبب امرأة؟ - كلا. - لا تتحدث هكذا أمام القمر. - وأخيرا قررت أن أقتل نفسي. - بين يدي؟ - بين يديك. - وأمام القمر؟ - ها هو القمر يختفي.
عندما رجع إلى مسكنه، وأضاء المصباح فتحت زينب عينين جامدتين. حياها بلا مبالاة؛ فقالت بنبرة متوترة: الصبح طلع.
فأجاب ببرود: فليطلع.
وجلست في الفراش منتفخة الجفنين، ملتاعة، يائسة. - لم أسمع منك هذه اللهجة منذ تزوجتك.
وارتدى بيجامته في صمت؛ فهتفت: لم أسمع أبدا.
فتمتم واجما: هكذا المرض. - وكيف لي باحتمال الحياة؟ - نهاري منغص، فلا تنغصي ليلي. - البنتان يسألان. - آه ... فلنواجه الأزمة بشيء من الحكمة.
وهي تدفن وجهها في الجدار: لو كان لي مكان ...
অজানা পৃষ্ঠা