صفحات رمضانية
صفحات رمضانية
প্রকাশক
دار المآثر،المدينة المنورة
সংস্করণের সংখ্যা
الأولى
প্রকাশনার বছর
١٤٢١هـ/٢٠٠١م
প্রকাশনার স্থান
المملكة العربية السعودية
জনগুলি
صفحات رمضانية
تأليف: د/عبد الكريم بن صنيتان العمري
المقدمة
الحمد لله الذي فضل شهر رمضان على سائر الشهور، وجعل الصيام سببا في تكفير السيئات ومضاعفة الأجور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له الغفور الشكور، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا ونبينا محمد إمام الصائمين، وقائد الغر المحجلين، الذي كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان، ويحثهم على الاستعداد لعمل الصالحات وطلب العفو والرضوان، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الله تعالى رحيم بعباده، رؤوف بخلقه، شرع لهم مواسم للطاعة، ليمن عليهم بفضله وإحسانه، ومغفرته ورضوانه.
ومن تلك المواسم الفاضلة شهر رمضان، الذي يتكرر كل سنة، ويستقبله المسلمون بالفرح والسرور، والاستبشار والحبور، إذ يبعث في نفوسهم حب الطاعة، ويحفزها على كثرة العمل والعبادة، وينبه قلوبهم من إعراضها وغفلتها ويوقظها من سباتها ورقدتها.
فهم يترقبون قدومه، وتتهلل وجوههم فرحا بحلوله، إذ هو شهر الصيام والقيام، فيه تضاعف الحسنات، وترفع الدرجات، وتقال العثرات، وتمحى الذنوب والسيئات، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب الجحيم والنيران ويصفد كل مارد شيطان، قال ﵊: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه.
1 / 5
إن شهر رمضان موسم عظيم يغتنمه عباد الله المخبتون، يزداد فيه إيمانهم، وتعظم خشيتهم لمولاهم، ويقوى إخلاصهم لخالقهم، ولا يفرطون بشيء من أوقاته، ولا يرضون بتضييع لحظة من لحظاته، فهم في عبادة مستمرة، وطاعة دائمة يرجون مغفرة الخالق ورحمته، ومنه عليهم بدخول جنته.
ياذا الذي ما كفاه الذنب في رجب ... حتى عصى ربه في شهر شعبان
لقد أظلَّك شهر الصوم بعدهما ... فلا تصيره أيضا شهر عصيان
ولتذكير نفسي أولا، ثم إخواني المسلمين بما ينبغي أن نكون عليه، خلال أيام شهر رمضان ولياليه، أعددت هذه الصفحات، وكتبت عليها عددا من النصائح والتوجييات، وأشرث فيها إلى بعض ما يقع من المخالفات، استنبطتها من آيات القرآن العظيم، وحديث سيد الخلق عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وكلام أصحابه والتابعين، ومن جاء بعدهم من علماء السلف الكرام الطيبين.
سائلا الله تعالى أن يحسن النية والقصد، ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، إنه قريب سميع مجيب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه أفقر العباد إلى الملك الجواد: أبو وائل، عبد الكريم بن صنيتان العمري، المدينة النبوية- ص ب ٨٩ غرة ربيع الأول ١٤٢١هـ
1 / 6
نعمة بلوغ رمضان
ها هو شهر رمضان، أفضل الشهور، قد حط رحاله، وحل بخيراته وبركاته على هذه الأمة كي تغتنم أوقاته بالعبادة والطاعة، وتؤدي ركنا من أركان الإسلام، وتنال بذلك زيادة الحسنات، ورفعة الدرجات، يأنس المسلمون فيه وتسري في نفوسهم محبته، يذكر فيه بعضهم بعضا، فتشيع الرحمة والمودة في قلوبهم، ويظهر أثرها داخل مجتمعاتهم، ويشتد رباط العطف والتآزر بين جميع فئاتهم.
إن شهر رمضان يمثل للمؤمنين موسما من أعظم المواسم التي تقوى صلتهم بخالقهم، وتجدد الإيمان في أفئدتهم، ولذلك يفرحون بمقدمه، فهم يرون فيه زمنا يريح عنهم ثقل أوزار اقترفوها في أشهر مرَّت، قد زينت لهم أنفسهم الأمارة بالسوء التكاسل عن الطاعة، والتسويف بالإكثار من العبادة، فما شعروا إلا وهذا الموسم العظيم يوقظهم من سباتهم، ويذكي في قلوبهم الإسراع إلى أماكن، العبادة، والمبادرة إلى سبل الخير وسلوك طريق السعادة.
أولئك هم المؤمنون حقا، الذين يفرحون، بمقدم شهر رمضان، فهم يرجون أن يكونوا ممن قال فيهم المصطفى ﵊: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه، وهم يشكرون الله تعالى الذي من عليهم ببلوغ هذا الشهر الكريم، وكتب لهم أن يكونوا في عداد الصائمين، فهو شهر يجددون فيه التوبة، ويقطعون العهد بمواصلة الطاعة، ويصطلحون فيه مع سيدهم ومولاهم، رجاء أن يعتقهم من النيران، ويمن عليهم بالمغفرة ودخول الجنان.
1 / 7
وأما أولئك المفرطون، الذين تشبعت نفوسهم بالمعاصي، وابتعدت عن أعمال الطاعات، وزينت لهم الشياطين أفعالهم، وجالت بهم في ميادين اللهو والغفلة، فهم يرون في شهر الصيام حرمانا من ممارسة تقاليدهم اليومية، ومنعا لهم من ملء بطونهم من الشراب والغذاء، فهم لا يحسون بروحانية الشهر، ولا قيمة هذا الموسم الغالي عند ذوي الهمم العالية، والنفوس الرفيعة، فأولئك اللاهون العابثون لا تتحمل معدة أحدهم جوع النهار، ولا ظمأ الهواجر، وتحدثهم نفوسهم بانتهاك حرمة الشهر، بتناول المفطرات، لكن ليتذكر أولئك، حديث سيد البشر عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: "من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض، لم يقضه صوم الدهر كله وإن صامه" رواه الترمذي، ورأى رسول الله ﷺ في منامه هيأة أولئك الذين يفطرون في رمضان بلا عذر، وأطلعه الله على صفة عذابهم، فأخبر أنه سمع أصواتا شديدة، وأقواما معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، وهي تسيل دما، فسأل عنهم، فأخبر بأنهم الذين يفطرون قبل تحلة صومهم". رواه ابن خزيمة وابن حبان.
فالله الله، أيها الأخ المسلم، أفتح في بداية هذا الشهر الكريم صفحة جديدة مع خالقك، واشكره أن أنعم عليك فأدركت أول أيام هذا الشهر العظيم، ومنحك فرصة من العمر، وزمنا يمكنك أن تكثر فيه من الطاعات، التي تمحو بها تقصيرك الذي مضى، وأعمالك السيئة التي دعاك إليها الشيطان والهوى، واسأله أن يعينك على فعل الخيرات، وأداء العبادات، ويثبتك بالقول الثابت في الآخرة وفي هذه الحياة، ويرزقك الاستمرار على الأعمال الصالحة حتى الممات.
1 / 8
ابتداء صيام رمضان
في اليوم الأول من شهر رمضان، من السنة الثانية للهجرة، ابتدأ صيام المسلمين لشهر رمضان، حيث أوجبه الله عليهم، وفرضه وألزمهم به، وأصبح صيامه الركن الرابع من أركان الإسلام.
وقد كانت فرضيته في يوم الإتنين الثاني مت شهر شعبان من هذه السنة، أي الثانية للهجرة، وقد ورد أن النبي ﷺ، بعد أن فُرض الصيام، خرج إلى المسجد، يبشر أصحابه. مما نزل عليه من خير عميم، حيث فُرض عليهم صيام شهر رمضان، وبيَّن لهم فضائل الصيام، وما أعده الله تعالى للصائمين من الأجر العظيم والثواب الجزيل، ووصف شهر رمضان بقوله: "أتاكم شهر رمضان، شهر خير وبركة، يغشاكم الله فيه، فينزل فيه الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب الدعاء". رواه الطبرانى.
وفرض صيام رمضان كان قد شرع بادئ الأمر على التخيير، وكان من
شاء صام، ومن شاء أفطر وفدى، قال تعالى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [سورة البقرة، آية (١٨٤)]، وبعد أن توطنت نفوسهم عليه، وتعودوا على الصيام، واطمأنوا إليه، انتفى عنهم التخيير، وألزموا بصيامه ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [سورة البقرة، آية (١٨٥)]، ولم يرتفع الوجوب إلا من عذر، من مرض أو سفر أو نحوهما، على أن يصوم بدل ذلك قضاء فيما بعد.
ولما كان الصيام في بداية التشريع يبتدئ بالإمساك عن المفطرات من بعد
1 / 9
صلاة العشاء، ويستمر زمن الإمساك طيلة الليل ونهار الغد، حتى تغرب الشمس، وهذه مدة زمنية طويلة، كانت تشق عليهم، وحدث أن أحد الصحابة ﵃، كان يعمل في مزرعته نهاره كله، فجاء إلى بيته بعد غروب الشمس، وذهبت زوجته لتأتيه بالإفطار، فغلبته عيناه فنام، فلم يستطع الأكل، وواصل صيامه إلى الغد، ثم أغمي عليه وقت الظهر، فأخبر بذلك رسول الله ﷺ، فحزن لحاله، وكان يحرم عليهم طيلة رمضان مباشرة النساء، فوقع أحد الصحابة على امرأته، وأخبر النبي ﷺ بذلك، فاشتد الأمر، فجاءت الرخصة والتخفيف، حيث حدد زمن الصيام من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، وأبيح للرجال مباشرة نسائهم في ليالي رمضان من وقت الإفطار حتى زمن الإمساك عند طلوع الفجر، وهكذا كان صيام رمضان تفضلا من الله تعالى على هذه الأمة، التي صامته أول مرة في اليوم الأول من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة النبوية.
1 / 10
البشرى بقدوم رمضان
كم هي فرحة المسلم حين يتفضل الله تعالى عليه، ويمن عليه بإدراك شهر الصيام والقيام، لأنه كان ينتظر قدومه بلهف وشوق، إنه يعرف ما أعد الله فيه من الخيرات والبركات، وزيادة الأجور ورفعة الدرجات، ويدرك كرم خالقه جل وعلا وهو يكتب لكثير من عباده العتق من النيران، في شهر رمضان.
إن المسلم صدق رسوله الكريم، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، حين كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان، ويكشف لم عما أعد الله فيه من الثواب لعباده المخبتين الطائعين، "لو يعلم العباد ما في رمضان، لتمنت أمتي أن يكون رمضان السنة كلها". رواه ابن خزيمة.
وورد عنه ﵊، حديث عدَّه بعض العلماء أصلا في تهنئة الناس بعضهم بعضا ببلوغ شهر رمضان، حين قال ﷺ: "قد جاءكم شهر رمضان، شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدَّى فريضة فيما سواه، ومن أدَّى فريضة فيه، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه". رواه ابن خزيمة وصححه.
إنهم يؤمنون بترحيبه ﵊، بشهر الخير والإنعام، حين قال: "أتاكم رمضان، سيد الشهور، فمرحبا به وأهلا، جاء شهر الصيام بالبركات، فأكرم به من زائر هو آت". رواه النسائي.
1 / 11
وهم أيضا يقرؤون سيرة أسلافهم الصالحين، حين نُقل عنهم أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان، تم يدعونه ستة أشهر أن يتقبَّله منهم، وكان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلا.
إن بلوغ شهر رمضان، نعمة عظيمة، وفضل من الله الكريم، يمن به على من يشاء من عباده، لتزداد حسناتهم، وتمحى سيئاتهم، وترفع درجاتهم، وتقوى صلتهم. بمولاهم، ليكتب لهم الأجر العظيم، والثواب الجزيل، وينالوا رضاه، وتمتلئَ قلوبهم بخشيته وتقواه، ومما يدل على ذلك ويؤكده، ما ورد في حديت الثلاثة، الذين استشهد منهم اثنان، ثم مات الثالت بعدهما على فراشه، فَرُئِيَ في النوم سابقا لهما، فسئل ﵊ عن ذلك، فقال: "أليس صلى بعدهما كذا وكذا صلاة، وأدرك رمضان فصامه، فوالذي نفسي بيده، إن بينهما لأبعد مما بين السماء والأرض" رواه أحمد.
الله أكبر، كم هي غالية أوقات رمضان، كم هي نفيسة ساعات شهر الصيام، أرأيتم قيمتها ومنزلتها عند الملك العلام، ترى كم أهدرنا من أيام رمضان وساعاته، كم أضعنا في هذا الشهر العظيم من اللحظات، التي لو اغتنمناها لفزنا بنعيم الجنان، تكرما وتفضلا من رب الأرض والسماوات، فبادر أيها المسلم إلى ملئ أوقات شهرك بالعبادة والطاعات.
إذا رمضان أتى مقبلا ... فأقبل فبالخير يُستقبل
لعلك تخطئه قابلا ... وتأتي بعذر فلا يُقبل
1 / 12
معنى رمضان والصيام
في السنة الهجرية القمرية، اثنا عشر شهرا، تبتدئ بالمحرَّم، وتنتهي بشهر
ذي الحجة، قال تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ [سورة التوبة، آية (٣٦)] وشهر رمضان، هو الشهر التاسع في ترتيب هذه الأشهر، وهو مشتق من الرمض، والرمضاء، وهي شدة الحر، والرمض: شدة وقع الشمس على الرمل وغيره، وقد ذكرت أسباب عديدة لتسمية هذا الشهر برمضان:
منها: أن العرب لما نقلت أسماء الشهور من اللغة القديمة، سموها بالأزمنة التي هي فيها، فوافق تسمية شهر رمضان بهذا الاسم أيام رمض الحر وشدة فسمِّيَ به.
وقيل: إن زمن فرضه وتشريعه وافق شدة الحر فسمي به أيضا، وقال بعضهم: إنه اسم وضع لغير معنى.
وعلل بعضهم هذه التسمية بخاصية رمضان، فإنه يرمض الذنوب ويحرقها، فلا يُبقي منها شيئا، وروي هذا عن ابن عمر ﵄ وغيره، وجاء حديث بهذا المعنى ولا يصح.
ويجمع على: رماضانات، ورماضين، وأرمضاء، وأرمضة، وأرمض.
وقد تعددت أسماء شهر رمضان عند المسلمين، لما له من مكانة خاصة، وقُدْسِيَّة عظيمة في نفوسهم، لما يرجون فيه من الأجر والثواب، من المتفضل الوهاب، فهو شهر الصيام، وشهر الصبر، وشهر العتق من النيران، وشهر القيام، وشهر الإحسان، وشهر إجابة الدعاء، وشهر الخيرات، وشهر الجود، وشهر الرحمة، وشهر المغفرة، وشهر المواساة.
1 / 13
ودخول شهر رمضان، يوجب على المسلم البالغ العاقل المقيم الخالي من الموانع أن يمسك في نهاره من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس عن المفطرات كلها، وهذا يسمى بالصيام، فالصيام في اللغة، الإمساك عن الشيء وتركه، ومنه قول النابغة الذبيانيّ:
خيل صيام وخيل غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللُّجما
والمراد بالصائمة: الممسكة عن الصهيل.
ومن هذا، اشتق معنى الإمساك عن الكلام، قال تعالى:- حكاية عن مريم ﵍ ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ [سورة مريم، آية (٢٦)] أي نذرت صمتا وإمساكا عن الكلام فلن أنطق بأي كلام، ويؤيده قراءة أبَيٍّ ﵁: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا صَمتًا﴾ بالجمع بين اللفظين، وكان ابن مسعود ﵁ يقرأ: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ. صَمتًا﴾
والمسلم في صيامه مأمور بالإمساك عن المفطرات الحسية، وكذلك منهي عن النطق والكلام والتفوه بكل ما يخدش صومه، أو من شأنه أن يقلل أجر صيامه أو ينقصه، من سائر أنواع الكلام المحرم والمنهي عنه، كالكذب، والسباب والشتم، والغيبة والنميمة، والفحش في القول، والمراء والجدال الذي يا يترتب عليه إلا الحطُّ من حسناته، وزيادة سيئاته، لذلك فإن الصوم عن الكلام الرديء، من الأمور الأساسية التي أمر بها الصائم، حتى لا يؤدِّي كلامه هذا إلى النفور، الموصل إلى الفسق والفجور، فصوم الأتقياء، الذين ينشدون الكمال في صيامهم، وتشرئب أعناقهم إلى الوصول إلى الدرجات العليا للصائمين، هو أن لا يكون صمتهم إلا فكرا، ولا كلامهم ونطقهم إلا قرأءة وذكرا، واعتافا بفضل الخالق وشكرا.
1 / 14
من فضائل الصيام
شهر رمضان، موسم عظيم فاضل للطاعة، ووقته محدود، فجدير بالمسلم أن لا يفوّتَ شيئا من لحظاته، إلا وهو في قربة لخالقه تزيد في حسناته، وما أجمل الطاعة في كل وقت، ولكنها في رمضان تفضل على الطاعات في الأوقات الأخرى، كيف لا، ونحن جميعا نعرف الخصائص التي ميّز الله بها هذا الشهر عن غيره من شهور العام، وها هو المصطفى ﵊، يوضح لأمته أنها سَمَت على غيرها من الأمم، فوهبت خصائص هذا الشهر الكريم، فاقت بها غيرها من الأمم السابقة، روى أبو هريرة- ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "أُعْطيت أمتي خمس خصال في رمضان، لم تعطهن أمة قبلهم، خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الحيتان حتى يفطروا، ويُزَيَّن الله ﷿ كل يوم جنته، ثم يقول: يوشك عباديَ الصالحون، أن يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك، وتُصفد فيه مردة الشياطين، فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة، قيل يا رسول الله: أهي ليلة القدرا؟، قال: لا، ولكن العامل إنما يوفَّى أجره إذا قضىعمله". رواه أحمد والنبيهقي.
ما أعظم هذه الخصائص، وما أكثر ما فضل الله به هذه الأمة على غيرها؟ عباد الله المخلصون تقوى عزائمهم، وتنشط قواهم، وتتحفز هممهم للطاعة، فهم يتسابقون إلى ميادين الطاعات، فالمؤمنون يزداد إيمانهم، والمنافقون تتضاعف حسراتهم، روى ابن خزيمة في صحيحه أنه ﵊، قال: "أَظَلَّكُم
1 / 15
شهركم هذا بمحلوف رسول الله ﷺ، ما مرَّ بالمسلمين شهر خير لهم منه، ولا مرّ بالمنافقين شهر شر لهم منه، إن الله ليكتب أجره ونوافله قبل أن يدخله، ويكتب إصره وشقاءه قبل أن يدخله، وذلك أن المؤمن يُعِدُّ فيه القوت من النفقة للعبادة، ويُعِدُّ فيه المنافق اتباع غفلات المؤمنين، واتباع عوراتهم، فهو غُنم يغنمه المؤمن".
وهكذا فإن المؤمنين يتلذذون فيه بطاعة ربهم، ورد عن بعض السلف قال: "بلغنا أنه يوضع للصوام مائدة يأكلون عليها، والناس في الحساب، فيقولون: يا رب، نحن نحاسب وهم يأكلون، فيقال: إنهم طالما صاموا وأفطرتم، وقاموا ونمتم".
وقال مكحول: "يفوح من أهل الجنة رائحة، فيقولون: ربنا، ما وجدنا ريحا منذ دخلنا الجنة، أطيب من هذه الريح، فيقال: هذه رائحة أفواه الصوَّام.
حريٌّ بكل واحد منا أن يضاعف طاعته لله، ويكثر من كل ما يقربه لمولاه، فقد كان الأخيار السالفون، يداومون على صيام النافلة، ولا يخصون الصيام بشهر رمضان فقط، ورد أن قوما من السلف باعوا جارية لهم، فلما قرُب شهر رمضان، رأتهم يستعدون له بأنواع الأطعمة، فسألتهم عن ذلك، فقالوا: نستعد لصيام رمضان، فقالت: وأنتم لاتصومون إلا رمضان، لقد كنت عند قوم كل زمانهم رمضان، رُدُّوني عليهم.
1 / 16
صلاة التراويح
شهر رمضان، شهر يضاعف فيه المسلمون أعمالهم الصالحة، ويغتنمون أوقاته الثمينة، ليفوزوا بالدرجات العالية، ويَحْظَوْا برضوان الله تعالى.
ومن الأعمال التي يحرص المسلم عليها في هذا الشهر الكريم، صلاة التراويح، التي سنها رسول الله ﷺ، ورغب فيها، وهي من قيام الليل، الذي بين رسول الله ﷺ عظيم فضله، وجزيل توابه بقوله: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". رواه البخاري ومسلم.
وفي بداية الأمر صلى ﵊ بأصحابه- ﵃ في بعض الليالي، ثم ترك ذلك، وأوضح أنه خشي أن تفرض على الأمة فلا تقدر عليها، روت عائشة ﵂، قالت: "صلى رسول الله ﷺ في المسجد ذات ليلة، وصلى بصلاته ناس، ثم صلى من القابلة فكثر الناس واجتمعوا، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة، فلم يخرج إليهم رسول الله ﷺ، فلما أصبح قال: "أما إنه لم يخف علي صنيعكم البارحة، ولم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم". رواه البخاري ومسلم.
وفي رواية أبي ذز ﵁، قال: "صمنا مع رسول الله ﷺ رمضان، فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت
1 / 17
الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل، فقلت: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال ﵊: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسب له قيام ليلة". رواه أبو داود.
ثم اختلف العلماء بعد ذلك في عدد ركعاتها، لكن ينبغي للمسلم أن يواظب على صلاتها مع الإمام، وأن يحرص على عدم التخلف عن جماعة المسلمين، فإنه إذا تذكر ثوابها وفضلها وما أعده الله تعالى لمن يقوم الليل، جاهد نفسه على أدائها طلبا للمثوبة والأجر.
وليخلص لله في صلاته، وليكن قصده وجه الله تعالى، فإن الإخلاص أحد شرطي العمل الصالح: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [سورة النبينة، آية (٥)]- وأن يطهر قلبه من السمعة والرياء، وقد جاء في الحديث القدسي أن الله تعالى قال: "من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه". واه مسلم.
فصلاته للتراويح، إنما هو إيمان بما أعده الله تعالى من الأجر، واحتساب للدرجات الرفيعة التي يأمل أن يكون من أهلها، وما أجمل أن يجاهد المرء نفسه، ويرغمها على مخالطة الصالحين، ويبعد عنها الكسل والخمول ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [سورة العنكبوت، آية (٦٩)] .
1 / 18
تدريب الأطفال على الصيام
من شروط وجوب الصيام البلوغ، لأن الصغير غير مكلَّف، فهو ممن سقط عنه التكليف، لقوله ﷺ: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبيّ حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق". رواه أحمد.
ويكون بالغا إذا أتم خمسة عشر عاما، أو احتلم، أو أنبت الشعر، وتزيد الأنثى بالحيض، وإذا كان الصيام لا يحب على الصغير حتى يبلغ فإنه ينبغي للوالدين الحرص على تدريبهم عليه، وتعويدهم على الإمساك عن الطعام والشراب في نهار رمضان، وليكن ذلك بشكل تدريجي، فمثلا في أول يوم يُبْدَأُ فيه بتعويده على الصيام، يؤخر إفطاره إلى وقت الضحى، وفي اليوم الثاني إلى الظهر، وفي الثالث لا يعطى من الطعام شيئا حتى يؤذن العصر، وهكذا حتى يتمرن على الصيام شيئا فشيئا، ولا يبدأ. بمنعه عن تناول المفطرات من أول مرة مدة يوم كامل، فإن ذلك يكون شاقا عليه، وقد لا تحصل الفائدة المرجوة التي يهدف الوالدان إلى تحقيقها.
وليس ما ذكر من هذه الطريقة صياما شرعيا، لكنه تعويد عليه حتى يحبَّه، ويألف هذه العبادة، فإذا ما وصل سن البلوغ لم يجد صعوبة في الصيام، لأنه عُوِّدَ عليه منذ صغره.
وهكذا كان الصحابة ﵃ يفعلون مع أبنائهم، فقد كانوا يعلمونهم الصيام ويدربونهم عليه من صغرهم، ففي صحيح البخاري، عن الرُّبيع
1 / 19
بنت معوذ ﵂ أنها قالت: "كنا نُصَوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن، أي الصوف، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يأتي موعد الإفطار".
ومما يدل على أنهم كانوا يصومون أبناءهم، ما ورد "أن عمر ﵁ أتي برجل شرب الخمر في رمضان، فوبخه، وقال له: كيف تفطر وصبياننا صيام، ثم أمر به وجلده ثمانين سوطا".
إن تعويد الأطفال على الصيام، ربط، لهم بالشعائر الدينية منذ الصغر، حتى إذا وجبت عليهم ألفوها ولم يستنكروها، وتكون قلوبهم قريبة من أجواء العبادة، على مسمع منها، يحسون بروحانيتها، فالأطفال قد ولدوا على الفطرة، وآباؤهم هم الذين يغرسون في أفئدتهم الغَضَّة حب الخير، وحب الطاعة والعبادة، من خلال تصرفاتهم أمامهم، وتوجيهاتهم لهم، فإن الطفل كالجهاز اللاقط، يقلد كل ما يفعل أمامه، ويثبت في فكره وخياله، فهو يحاكي أباه في أفعاله فتراه يتوضأ مثل أبيه، ويصلي مثله، ويعمل كعمله، وإن كان لا يدرك الهدف من ذلك، والعكس تماما فهو إذا لم يتعود على رؤية شيء من العبادات أمامه فإنه ينشأ خاليَ الوفاض، فالوالدان ينبغي أن يكونا قدوة للأبناء في السلوك والتعامل، وقبل ذلك في العبادة، فينبغي ربطهم بكتاب الله تعالى، وبالشعائر الدينية، والأخلاق الفاضلة، وتوجيههم إلى كل ما يؤدي إلى ربطهم وبالدين والتعلق بمعالي الأمور، وحميد الأخلاق، وعظيم الفضائل، والبعد عن سفاسف الأمور،
وينشأ ناشئ الفتيان منا ... على ماكان عوَّده أبوه
1 / 20
فوائد الإفطار على الرطب
...
فوائد الإفطار في رمضان
من السنن التي ينبغي أن يحرص عليها المسلم في رمضان، إفطاره على الرطب أو التمر، فإن ذلك كان فعل النبي ﷺ، قال أنس ﵁: "كان رسول الله صلى الله عليه أسلم يفطر قبل أن يُصلي على رطبات، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء". رواه أبو داود.
وقال ﵊: "إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد تمرا فالماء، فإنه طهور". رواه الترمذي.
لقد ارتبط شهر رمضان بالرطب والتمر على مر العصور، فنجد أن الناس يستعدُّون مبكرين عند موسم جذاذ النخيل، فيحتاطون بكميَّات من التمور يحتفظون بها لشهر الصيام، وقلما تجد أحدا من الناس لا يتوفر عنده التمر، والنبي ﷺ قال في الحديث الصحيح: "بيت لا تمر فيه أهله جياع" رواه مسلم.
يوضح الأطباء بعضا من أسرار الهدي النبوي في الحث على الإفطار على الرطب أو التمر، إذ يذكرون أن الأمعاء تمتص المواد السكرية الذاتية، في أقل من خمس دقائق، فيرتوي الجسم، وتزول أعراض نقص السكر والماء فيه، لأن سكر الدم ينخفض أثناء الصوم، فيؤدِّي إلى الشعور بالجوع وإلى بعض التوترات، أحيانا، وهذا سرعان ما يزول بتناول المواد السكرية، ويحتوي التمر على نسبة تصل إلى سبعين في المائة من المواد السكرية، ومعظمها من نوع السكر سهل،
1 / 21
الهضم والاحتراق، الذي تتولد عنه طاقة. عالية، دون أن يتكلف الجسم عناء شديدا في تحويلها أو هضمها، كما يحتوي التمر على معادن أخرى هامَّة لها قيمتها الغذائية التي لا يستغني عنها جسم الإنسان.
كما يذكر الأطباء أن الرطب والتمور تحتوي على نسبة من الدهون النباتية، تكفي لمعظم مطالب الجسم، وفي الوقت نفسه تسهم في خفض الوزن، إذ تعين الصائم على سحب الدهون المتراكمة من تحت الجلد وإحراقها لتوليد الطاقة.
وللرطب والتمر فوائد أخرى عديدة، ولا ننسى قصة ولادة مريم لعيسى ﵉: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا﴾ [سورة مريم، الآيتان (٢٥- ٢٦)]
ولا يزال التمر أهم غذاء الإنسان، وقد كان المصطفى ﵊ يكثر من أكله، بل إنه كان غالب طعامه، حين سئلت عائشة عن ذلك، فأخبرت أن أكثر ما في بيته الأسودان، التمر والماء.
فللرطب والتمور فوائد عديدة، ومنافع كثيرة، لا تجتمع في الأطعمة الأخرى، لذلك فإنه يوفر للصائم ما يحتاجه جسمه من حيوية ونشاط وقت إفطاره، فينبغي لكل صائم أن يحرص على ابتداء إفطاره على الرطب، فإن لم يجد فعلى التمر، ليطبق سنة رسوله ﷺ، ويتبع هديه الشامل لكل شيء، ومن ذلك ترغيبه بالإفطار على الرطب أو التمر: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [سورة الأحزاب، آية (٢١)] .
1 / 22
السواك للصائم
السواك سنة من سنن المصطفى عليه الصلاة والمسلام، التي حث عليها، وأكد على فعلها، وداوم على ملازمتها في كل وقت وحين، ورغب فيها بقوله ﷺ: "السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب" رواه أحمد.
فهو بالإضافة إلى أنه أداة لتنظيف الفم وتطهير الأسنان، مما يكون قد علِق بها من الأطعمة، فإنه موجب لمرضاة الباري جل وعلا، لأن النظافة مطلب ضروري دعا إليه الإسلام، وحث أفراده على التنظيف في جميع أحوالهم.
وقد دلَّت السنة على تأكيد الاستياك في عدة مواضع، منها عند إرادة الوضوء، فهو من سننه، لقوله ﷺ: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء". رواه البخاري، وكذلك عند الصلاة، وعند القيام من الليل، لما روى حذيفة ﵁ قال: "كان رسول الله ﷺ إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك". متفق عليه، وكذا عند قراءة القرآن، وعند تغيَّر رائحة الفم، فهو يعين على إزالة. البقايا التي تتراكم على الأسنان، والتي يؤدِّي بقاؤها إلى انبعاث الروائح الكريهة من الفم، فيتضايق منها الآخرون، وتتأذى منها الملائكة، فيعين السواك على إزالتها وذهابها.
وقد كان ﵊ يتسوك ويحافظ على ذلك حتى في نهار صيامه، وسواء كان ذلك أول النهار أو آخره.
فعن عامر بن ربيعة رضي الله عمه قال: "رأيت النبي- ﷺ ما لا أحصي يتسوَّك وهو صائم". رواه الترمذي وحسنه، وقال: والعمل
1 / 23
على هذا عند أكثر أهل العلم، لم يروْا بأسا بالسواك للصائم، أول النهار وآخره. فدل عمل النبي ﷺ على مشروعية السواك للصائم في كل وقت.
أما تفريش الأسنان، واستعمال المعجون للصائم، فقد ذكر العلماء له حالتين:
الأولى: أن يكون المعجون قويا بحيث يصل إلى المعدة ولا يتمكن الإنسان من التحرز منه، ولا يأمن وصوله إلى جوفه، فهذا محذور عليه ولا يجوز استعماله، لأنه يؤدِّي إلى إفساد الصيام، وما أدَّى إلى المحرم فهو محرم، وقد قال ﵊: "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما"، رواه أبو داود وابن حبان، فاستثنى كون الإنسان صائما.
أما الحالة الثانية: إن كان يستطيع التحرز من المعجون، ويأمن من نفاذه ووصوله إلى جوفه فلا حرج عليه في استعماله، ولكن الأولى عدم تفريش الأسنان أثناء الصيام، وأن يكتفي باستعمال السواك، إذ لا حرج في استياكه في أي وقت شاء من صيامه.
1 / 24