جلسات رمضانية للعثيمين
جلسات رمضانية للعثيمين
জনগুলি
فضل قراءة القرآن في رمضان
هذه نعمة من الله ﷿ في هذا الشهر المبارك، تقرأ القرآن كل حرف من حروف القرآن فيه عشر حسنات.
قال ابن عصفور ويروى مرفوعًا عن النبي ﷺ: (لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف) يعني: ثلاثة حروف تعتبر ثلاثين حسنة، وهذا أمر لا يدرك عدده إلا الله ﷿، كل هذا لأنك تقرأ كلام رب العالمين ﷿، خالق السماوات والأرض الذي هو أحب حبيب إليك، ما ظنك لو جاءتك رسالة من صديق لك، كل ساعة تطلعها من جيبك وتقرأها، كأنما تواجه صديقك أو حبيبك، أليس كذلك؟ أنت إذا قرأت كلام الله لا شك أن المؤمن أحب شيء عنده هو الله ﷿، يقرأ كلام الله ﷿، من جهة التعظيم ولذلك فإن النبي ﷺ كان يكثر من قراءة القرآن في رمضان.
وكان جبريل يدارسه القرآن وكان يقرأ في كل سنة مرة، إلا السنة التي توفي فيها رسول الله ﷺ، فإنه قرأه عليه مرتين، لماذا؟ من أجل الاستثبات، وأن القرآن ولله الحمد محفوظ إلى آخر حياة الرسول ﵊، لم يتغير، لا بنقص، ولا بزيادة، ولهذا قال العلماء: من أنكر حرفًا منه وهو عالمٌ به فهو كافر، حرف واحد تنكره وأنت تعلم تكون كافرًا، لأنك مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين، أما الله فيقول: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الجاثية:٢٩] ويقول ﷿: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ﴾ [التوبة:٦] هذا كلام الله! أخبر به عن نفسه، وأما الرسول ﷺ فقد بلَّغ أمته، وقال هذا كلام ربي، بلغهم: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾ [المائدة:٦٧] أما المسلمون فأجمعوا كلهم على أن هذا القرآن الذي بين أيدينا، من فاتحته إلى خاتمته كلام الله، وأنه محفوظ، وأنه ليس فيه زيادة، وليس فيه نقص، بل هو محفوظ بحفظ الله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر:٩] فالحمد لله.
المهم أن كتاب الله ﷿ ينبغي للمؤمن أن يكثر من تلاوته لا سيما في هذا الشهر المبارك، ولا حرج أن يجعل الإنسان لنفسه شيئًا معينًا من القرآن يحافظ عليه، سواءً في رمضان أو في غيره، لا تقل هذا بدعة، أجعل كل يوم جزءًا أو كل يوم نصف جزء أو كل يوم جزئين أو ثلاثة، لأن بعض الناس يشتبه عليه الأمر، يقول: أخشى أني لو أجعل في اليوم شيء معين من القرآن أن هذا بدعة، هذا ليس بدعة هذا تنظيم، أنا لست أتقرب إلى الله ﷿ بهذا العدد المعين جزء أو جزئين، لكن أريد أن أحفظ وأنظم قراءتي للقرآن، لأن الإنسان لو يجعل أنه كل ما فرغ قرأ يمكن يمر عليه الشهرين وما قرأ، لكن إذا جعل له شيئًا معينًا؛ جزء أو نصف جزء أو جزئين أو ثلاثة، حافظ عليه، وسهل عليه، وقد قال النبي ﵊: (أحب الأعمال إلى الله أدومه وإن قل) فلو أن الإنسان منا حرص على أن يجعل له شيئًا معينًا في كل يوم في رمضان، وشيئًا معينًا في كل يوم في غير رمضان، حتى ينظم نفسه بالنسبة لقراءة القرآن كان هذا حسنًا وليس ببدعة.
وهكذا يتقلب الإنسان في هذا الشهر من طاعة إلى أخرى، إذا وفق لاستغلال الفرصة، فأنا أوصيكم ونفسي في هذا الشهر بتقوى الله ﷿ واستغلال الفرصة بقدر المستطاع، مع الاستعانة بالله ﷾، ولهذا ينبغي لنا بل يجب علينا أن نقرن أفعالنا بالاستعانة بالله ﷿، نقرنها بالاستعانة، الاستعانة عبادة أم غير عبادة؟ الاستعانة عبادة، إذًا أنت إذا فعلت شيئًا من العبادات مستعينًا بالله، أعانك الله ومع ذلك قربك إليه لأن الاستعانة عبادة.
أسأل الله تعالى أن يعينني وإياكم في هذا الشهر وفي غيره، على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يثبتنا على الحق إلى أن نلقاه وهو راضٍ عنا، إنه جواد كريم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
1 / 9