104

سلسلة القصص - المنجد

سلسلة القصص - المنجد

জনগুলি

شرح الحديث والجمع بين الروايات أما بالنسبة لحديث البخاري ﵀ والذي يقول فيه جابر ﵁: إنا يوم الخندق نحفر، فمعروف أن الصحابة رضوان الله عليهم حفروا الخندق في غداة باردة في الشتاء، ولم يكن لهم عبيد يعملون فكانوا يعملون بأنفسهم، ومعروف أن المنطقة التي حفر فيها الخندق -وهي موجودة إلى الآن- صخرية شديدة الصخور، وعرة، صلبة، حتى أنهم لما أرادوا أن يمهدوا شارعًا ويحفروا فيها تكسرت الآلات واستسلم المقاول، وجاءوا بمقاول آخر فحفر شهرًا كاملًا إلى أن عبدوا الطريق، والصحابة حفروه في أسبوع بدون آلات مثل هذه الآلات الموجودة الآن، وحفروا بأيديهم في البرد الشديد، وحفروا هذا الخندق عمقًا وعرضًا حوالي ستة آلاف متر. يقول جابر: فعرضت كديةٌ، وهي القطعة الشديدة الصلبة من الأرض لم يستطيعوا قطعها وأعجزتهم، فلجئوا إلى رسول الله ﷺ. وفي رواية: جئت إلى رسول الله ﷺ فقلت: هذه كدية قد عرضت في الخندق، فقال النبي ﷺ: رشوها بالماء، فرشوها، ثم قال: أنا نازل، ثم قام وبطنه معصوب بحجر من الجوع، أصابهم جهدٌ شديدٌ حتى ربط رسول الله ﷺ على بطنه حجرًا من الجوع. كانوا يأتون بحجارة رقاق صفائح على قدر البطن تشد على الأمعاء فائدتها ثلاثة أشياء: أولًا: أن الإنسان من الجوع ينحني ظهره فإذا شدوا عليه الحجارة اعتدل الظهر. ثانيًا: أن هذه الحجارة تبرد حرارة الجوع، والجوع له حرارة، فهذه الحجارة ببرودتها تطفئ شيئًا من حرارة الجوع، أو تمتص من حرارة الجوع التي بالبطن فتجعل الإنسان أصبر وأقدر على المقاومة. ثالثًا: أن شدها على البطن والأمعاء يجعل الطعام قليل التحلل، فلا يتحلل منه كما لو لم تكن مربوطة. شد النبي ﵊ على بطنه حجرًا وكان بإمكانه أن يكون أعظم ملوك الأرض، وعنده مفاتيح خزائن الأرض. قال جابر: ولبثنا ثلاثة أيام لا نذوق ذواقًا، أي: لا نطعم شيئًا ولا نقدر عليه، لما عرضت هذه الحجر، كان الناس جياعًا يعملون بأيديهم في حفر صخور صلبة في البرد، والمطلوب إنجاز المهمة بسرعة قبل أن يأتي كفار قريش ومن معهم من العرب، فلما وصلوا إلى هذه الصخرة الصلبة التي أعيتهم، استدعوا النبي ﵊ فقال: رشوا عليه الماء، ونزل ﵊ وبطنه معصوب بالحجر، فأخذ المعول أو المسحاة فضرب هذه الصخرة. وفي رواية: فسمى ثلاثًا ثم ضرب، وفي روايةٍ لما ضربها قال: باسم الله وبه بدينا -يعني بدأنا- ولو عبدنا غيره شقينا، فحبذا ربًا وحب دينا -حب: من ألفاظ حبذا، لما ضرب النبي ﷺ الصخرة، قال الراوي: فعاد كثيبًا أهيل، أي: تحولت الصخرة إلى رمل يسيل ولا يتماسك، فصارت الصخرة الصماء الصلبة رملًا ناعمًا يسيل، كما قال الله تعالى: ﴿وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا﴾ [المزمل:١٤] أي: تحول الجبال إلى رمل سائل.

5 / 5