العلمانية - نشأتها وتطورها
العلمانية - نشأتها وتطورها
প্রকাশক
دار الهجرة
জনগুলি
تعاليم نبوية من الطراز الجديد الذي ابتدأ بظهور الأنبياء العبرانيين، وهي لم تكن كهنوتية، ولم يكن لها معبد مقدس حبسًا عليها ولا هيكل، ولم يكن لديها شعائر ولا طقوس، وكان قربانها "قلبًا كسيرًا خاشعًا " وكانت الهيئة الوحيدة فيها هيئة من الوعاظ، وكان رأس ما لديها من عمل هو الموعظة.
"بيد أن مسيحية القرن الرابع الكاملة التكوين، وإن احتفظت بتعاليم يسوع في الأناجيل "كنواة لها"، كانت في صلبها ديانة كهنوتية من طراز مألوف للناس من قبل منذ آلاف السنين، وكان المذبح مركز طقوسها المنمقة والعمل الجوهري في العبادة فيها، هو القربان الذي يقربه قسيس متكرس للقداس، ولها هيئة تتطور بسرعة مكونة من الشمامسة والقساوسة والأساقفة" (١)
وكان من الأسس الباطلة التي بنى عليها رجال الدين مبررات وجودهم مبدأ "التوسط بين الله والخلق"، الذي يقتضي ألاَّ يذهب الإنسان إلى رجل الدين ليعلمه كيف يعبد الله، بل ليعبد الله بواسطته، وليس للمذنب أن يتجه بتوبته إلى الله، طالبًا الصفح والمغفرة، بل عليه أن يتجه إلى رجل الدين معترفًا أمامه بذنبه ليقوم بالتوسط لدى الله فيغفر له، وحسب هذا المبدأ نصب رجال الدين أنفسهم أندادًا لله تعالى وأوقعوا أتباعهم في الشرك الأكبر «اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ» [التوبة:٣١] وفوق كونه مبدأً باطلًا شرعًا، ساقطًا عقلًا، فإنه ليس في الأناجيل -رغم تحريفها- ما يدل على أن المسيح أقره أو دعا إليه.
وقد ترتب على هذا المبدأ آثار سيئة للغاية، منها: احتكار رجال الدين لحق قراءة وتفسير الإنجيل، ثم مهزلة صكوك الغفران،
(١) معالم تاريخ الإنسانية (٣: ٧٢٠).
1 / 80