تكلم الطالب لكي يقطع حبل الصمت، لكي يتخلص من بعض ما يشعر به من حزن في حلقه. ورد مساعد القس وهو يبحث في الظلمة عن وجه محدثه: أعتقد هذا. - و... حسنا. كنت سأسألك عن سبب القبض عليك. - بسبب السياسة. هكذا يقولون.
وارتجف الطالب من قمة رأسه إلى أخمص قدميه، وقال بصعوبة شديدة: وأنا أيضا.
وفتش الشحاذون حول وسطهم بحثا عن كيس زوادهم الذي لا يفارقهم، غير أن الحراس كانوا قد جردوهم من كل شيء في مكتب مدير الشرطة، حتى مما يحملونه في جيوبهم، بحيث لم يعد معهم أي شيء حتى أعواد الثقاب . كانت الأوامر صريحة! ومضى الطالب في حديثه: وما هي قضيتك؟ - ليست لي قضية. إنني هنا بأمر من أعلى.
وارتد مساعد القس، وهو يقول هذا، إلى الخلف دافعا كتفه في الحائط كيما يسحق حشرات البق التي علقت به. - هل كنت ...
فرد مساعد القس بطريقة جافة: لا شيء! لم أكن شيئا ألبتة!
وفي هذه اللحظة سمع صرير الباب الذي انفتح على مصراعيه ليدخل منه شحاذ آخر.
وصاح «ذو القدم المسطوحة» وهو يدخل: «تحيا فرنسا!»
وقال مساعد القس: لقد سجنت ... تحيا فرنسا! - «... بسبب جريمة ارتكبتها بمحض الخطأ فبدلا من أن أزيل إعلانا عن السيدة العذراء من على باب الكنيسة التي أعمل بها، ذهبت وأزلت إعلانا عن الاحتفال بالذكرى السنوية لوالدة السيد الرئيس.»
وهمس الطالب بينما كان مساعد القس يمسح دموعه بأصابعه: ولكن، كيف علموا بالأمر؟ - لا أعرف. لقد أضاعني غبائي. وعلى كل حال فقد قبضوا علي وساقوني إلى مدير الشرطة الذي قام بإعطائي ما تيسر من اللكمات ثم أمر بأن أوضع في هذه الزنزانة، معزولا، باعتباري ثوريا، كما قال.
وبكى الشحاذون المتجمعون في الظلمة من فرط الخوف والبرد والجوع. ولم يكن أحد منهم يرى حتى يديه ذاتهما. وأحيانا كانوا يلجئون إلى السبات، ويسمع آنذاك زفير الصماء البكماء الحبلى يمرق من بينهم كأنما يبحث لنفسه عن مخرج.
অজানা পৃষ্ঠা